أعباء منصبه الكبير ما كانت لتشغله عن الإملاء والتدريس ، إلى أن تفرع لذلك فى نهاية الأمر بعد عزله عن القضاء ، عقب وفاة صاحبه الوزير الصاحب الأديب (١).
ويقال فى أسباب عزله : إنه كان قليل الوفاء للصاحب الذى قدّمه وأعلى منزلته فى دولة بنى بويه ، فقد رفض القاضى الصلاة على صاحبه ، وقال إنه لا يرى الترحم عليه ، لأنه مات من غير توبة! ولا بد لمرتكب الكبيرة ، فى مذهبهم ، من التوبة حتى لا يكون حكمه الخلود فى النار!
قالوا : فنقم عليه فخر الدولة لذلك وقبض عليه ، وعزله من منصبه ، وصادره على ثلاثة آلاف ألف درهم (٢).
ولكن هذا فى الواقع لا يفسر سبب عزله ومصادرته ، بمقدار ما يفسره عادة أصحاب السلطان فى ذلك الوقت ، بمصادرة كبار الدولة عند عزلهم ، أو عند وفاتهم ، والغضب عليهم فى بعض الأحيان ، حتى عدت المصادرة من « الموارد » الهامة للأمراء والسلاطين! سواء أكان ذلك لاعتقادهم أن ثروات هؤلاء قد ساقها إليهم منصبهم الكبير ، أم لمجرد الحصول على المال ، وخشية أن يؤلف هؤلاء المعزولون الناس بأموالهم!
ويبعد أن يكون فخر الدولة قد صادر القاضى وعزله لقلة وفائه للصاحب ، وقد قام بعد ذلك بمصادرة أموال الصاحب نفسه (٣)!.
__________________
(١) انظر لسان الميزان : ٣ / ٣٨٧.
(٢) انظر ابن حجر : المصدر السابق ، معجم الأدباء لياقوت ( طبع مصر ) ٦ / ٢٩٩.
(٣) انظر مقدمة المحقق الدكتور عبد الكريم عثمان ، لشرح الأصول الخمسة ص ١٥ ـ ١٦.