وأملى ـ أنه لم يكن كذلك رحمهالله ، ولقد كان يسع أبا حيان ألا يوسع القاضى من السباب والشتائم ـ لو لا طبع يحمله على ذلك (١) ـ إذا كان رأيه سيئا فى الكلام على ما يزعم!.
٣ ـ ثقافة القاضى وشيوخه ومنزلته العلمية
بدأ القاضى حياته دارسا للأصول على مذهب الأشعرى ، وفقيها على المذهب الشافعى ؛ قال الحاكم : « وكان فى ابتداء حاله يذهب فى الأصول مذهب الأشعرية ، وفى الفروع مذهب الشافعى ، فلما حضر المجالس وناظر ونظر ، عرف الحق فانقاد له » (٢).
وكان أراد أن يقرأ فقه أبى حنيفة على أبى عبد الله البصرى (٣). فقال له :
__________________
(١) ذكر ياقوت أن أبا حيان ( كان قصد ابن عباد إلى الرى فلم يرزق منه فرجع عنه ذاما له! ) ثم قال : ( وكان أبو حيان مجبولا على الغرام بثلب الكرام! ) وبحسب القاضى عندنا أن يعد فى هؤلاء. انظر معجم الأدباء. ٦ / ١٨٧.
(٢) شرح عيون المسائل للحاكم الجشمى ، الجزء الأول ، ورقة ١٣٠ ، وانظر طبقات المعتزلة ، طبع بيروت ، ص ١١٢.
وقد وضعه الحاكم على رأس الطبقة الحادية عشرة من طبقات المعتزلة ، فقال : « فمن هذه الطبقة ، بل أولهم وأقدمهم فضلا قاضى القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد ... » ثم قال : « وهو يعد من معتزلة البصرة من أصحاب أبى هاشم لنصرته مذاهبه » المصدر السابق ، ورقة ١٢٩. وانظر الحديث عن فرعى المعتزلة الكبيرين : معتزلة البصرة ومعتزلة بغداد ، وأهم رجالات كل من الفرعين ، والمسائل التى دارت عليها فلك أبحاث كل منهما : ضحى الإسلام للأستاذ أحمد أمين رحمهالله ، الجزء الثالث. وانظر حديثنا عن كتاب ( فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ) للقاضى ، فى ثبت كتبه القادم.
(٣) هو أبو عبد الله الحسين بن على البصرى ، ذكر القاضى أنه كان من أصحاب أبى هاشم ـ وهم الذين قدمهم فى طبقاته على رجال الطبقة العاشرة ـ وأنه أخذ أولا عن أبى على بن خلاد ثم عن أبى هاشم ( لكنه بلغ بجده واجتهاده ما لم يبلغه غيره ) أخذ الفقه عن أبى الحسن ـ