دراسات اصولية فريدة :
بل إننا نجد عند القاضى فى ميدان الدراسات الأصولية ، بناء على منهجه الدقيق فى البحث ، مسائل وأبحاثا لم يسبق إليها ، فكتابه « المغنى » ـ وهو فى علم الكلام ، أو فى أصول الاعتقاد ، كما يعبرون ـ يحوى بين أجزائه جزءا يحمل عنوان « الشرعيات » ـ الجزء السابع عشر ـ تناول فيه مباحث فى أصول الفقه ، كمسائل الإجماع والقياس والاجتهاد ، وأبحاث العموم والخصوص ، والأمر والنهى ؛ ونحوها ، على غير ما تناولتها كتب أصول الفقه ، فقد كان يكتفى منها بذكر جمل القول ، وما يجرى منها مجرى الأصول ، ولهذا وضعها فى كتاب خصه بعلم الكلام ، وهو يقول فى ذلك : « وإنما نذكر فى هذا الموضوع جمل القول فى الأدلة ، لأن الغرض بيان ما يعرف به الأحكام فى الوعد والوعيد ، دون تقصى القول فى أصول الفقه (١) » ويقول : « وإنما نذكر الآن جمل الأدلة ، لوقوع الحاجة إليها فى باب معرفة أصول الشرائع ، والوعد والوعيد ، والأسماء والأحكام ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والإمامة ، لأن هذه الأبواب أصلها الأدلة الشرعية ؛ فلا بد من بيان أصولها (٢) »
ويرى الأستاذ المرحوم أمين الخولى ـ الذى حرر نص الشرعيات ـ أن بأمثال هذه العبارات ونحوها من الإشارات الكثيرة فى الجزء المذكور « ندرك أن موضوع هذا الجزء هو ما يلتقى فيه « الأصلان » اللذان سماهما الأقدمون : أصل الاعتقاد ، وأصل العمل ... أو أصول العقيدة ، وأصول الفقه ، يعرض فيه قاضى القضاة لهذه الناحية مبينا صلة أصول الفقه بأصول الاعتقاد ، وهذا ما يبينه قوله :
__________________
(١) انظر الشرعيات ( ج ١٧ من المغنى ) ص : ٩٢.
(٢) المصدر السابق ، نفس الصفحة.