واحَسَناه! واحُسيناه! واضيعتاه بعدك يا أبا عبد الله ... إلى آخره. (١)
ورَوى الشيخ المفيد في كتاب ( الإرشاد ) هذا الخبر بكيفيّة أُخرى وهي :
قال علي بن الحسين [ زين العابدين ] عليهماالسلام :
إنّي جالس في تلك العشيّة التي قُتل أبي في صبيحتها ، وعندي عمّتي زينب تُمرّضني ، إذ اعتزل أبي في خِباء له (٢) ، وعنده جوين مولى أبي ذرٍ الغفاري ، وهو يعالج سيفه (٣) ويُصلحه ، وأبي يقول :
يا دهـر أفّ لك من خليل |
|
كم لك بالإشراق والأصيل |
مِـن صاحب وطالبٍ قتيل |
|
والدهـر لا يقنـع بالبديل |
وإنّمـا الأمـر إلى الجلل |
|
وكلّ حـي سـالكٌ سبيلي |
فأعادها مرّتين أو ثلاثاً ، حتّى فهمتُها ، وعَرفت ما أراد ، فخَنَقتني العبرة ، فرددتها ، ولَزِمتُ السكوت ، وعلِمت أنّ البلاء قد نزل.
وأمّا عمتي : فإنّها سَمِعت ما سمعتُ ، وهي إمرأة ، ومن شأنها النساء : الرقّة والجزع ، فلم تِملِك نفسها ، إذ وَثَبت تجرّ ثوبها ،
__________________
١ ـ كتاب ( الملهوف على قتلى الطفوف ) للسيد علي بن موسى بن طاووس ، المتوفّى سنة ٦٦٤ هـ ، ص ١٣٩.
٢ ـ خِباء : خيمة.
٣ ـ ضمير هو : يرجع إلى جوين ، يُعالج : يُحاول إعداده للإستعمال في القتال.