حتى انتهت إليه فقالت :
واثكلاه! ليتَ الموت أعدَمَني الحياة ، اليوم ماتت أُمّي فاطمة ، وأبي علي ، وأخي الحسن ، يا خليفة الماضين وثِمال الباقين!
فنظر إليها الإمام الحسين فقال لها : يا أُخيَّة! لا يُذهِبنّ حِلمَك الشيطان.
وتَرقرَقَت عيناه بالدموع ، وقال : يا أُختاه ، « لو تُرك القَطا لغَفا ونامَ » (١).
فقالت : يا ويلتاه! أفتغتصب نفسك اغتصاباً؟ (٢) فذاك أقرَحُ لقلبي ، وأشدّ على نفسي ، ثمّ لطمت وجهها! وأهوَت إلى جيبِها فشقّته ، وخرّت مغشيّاً عليها.
فقام إليها الإمام الحسين عليهالسلام فَصَبّ على وجهها الماء ، وقال لها :
__________________
١ ـ القطا : طائرٌ معروف ، واحدة : القطاة. قالوا ـ في الأمثال ـ : « لو تُرك القطا ليلاً لَنام » يُضرَبُ مثلاً لِمَن حُمِل أو أُجبِر على مكروه من غير إرادته ، وذلك أنّ القطا لا يطير ليلاً إذا أذا أزعجوه وأفسدوا عليه راحته ، فإذا طار القطا ليلاً كان ذلك علامة على أنّ عدوّاً يُلاحقه.
ومعنى كلام الإمام الحسين عليهالسلام : إنّ العدوّ لو كان يتركُنا لكنّا نَبقى في وطننا في المدينة ، ولكنّه أزعجنا وأخرجَنا من بلادنا ، وسيَبقى يُلاحقنا إلى أن نَسلَم منه أو يَقتُلنا.
المحقق
٢ ـ أي : تُقتَل ظُلماً وقَهراً.