وعظمة مقام السيدة زينب ، وَضَعت أمامه حدوداً آلى على نفسه أن لا يتخطّاها ، ومنها التصريح باسم السيدة زينب عند ذكر مصائبها ، إذ من الصعب عليه ـ وهو الإبن البارّ لأهل البيت الطاهرين الغيور عليهم ـ أن يُصرّح بتفاصيل المأساة ، فشخصيّة السيدة زينب عظيمة فوق كلّ ما يتصوّر ، والمصائب التي انصَبّت عليها هي في شدّة الفظاعة ، فهو لا يذكر اسمها بل يُشير ويُلمّح ، ويرى أنّ التلميح خيرٌ من التصريح ، « والكناية أبلَغ مِن التصريح » ، ولعلّ الرعشة كانت تستولي على فكره وقريحته وقلمه ، فتمنعه من التصريح ، وانهمار الدموع لم يكن يسمح له أن يُبصِر ما يكتُب! فاكتفى أن يحومَ حول الحِمى والحدود فقط.
ففي إحدى قصائده الخالدة يقول :
خُذي يا قلـوب الطالبيّين قُرحَةً |
|
تزول الليالي وهي دامية القِرفِ (١) |
فإنّ التي لم تبرح الخِدر أُبرزَت |
|
عَشِيّةَ لا كهفٌ فتأوي إلى كَهفِ |
__________________
١ ـ القِرف ـ بكسر القاف ، وقيل : بفتح القاف ـ : القِشر ، يُقال : تقرّفت القُرحَة : أي تَقشّرت بعد يُبسها. دامية القِرف : أي دائمة التَقشّر بسبب عدم بُرئها ، واستمرار نَضح الدم والقَيح منها.