لكن كلامنا في هذا العالم ، وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر عن أنّ الإمامة إنّما هي بيد الله سبحانه وتعالىٰ ، الإمامة حكمها حكم الرسالة والنبوّة كما ذكرنا ، ففي أصعب الظروف وأشدّ الأحوال التي كان عليها رسول الله في بدء الدعوة الإسلاميّة ، عندما خوطب من قبل الله سبحانه وتعالىٰ بقوله : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ ) (١) جعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعرض نفسه على القبائل العربية ، ففي أحد المواقف حيث عرض نفسه علىٰ بعض القبائل العربيّة ودعاهم إلىٰ الإسلام ، طلبوا منه واشترطوا عليه أنّهم إنْ بايعوه وعاونوه وتابعوه أن يكون الأمر من بعده لهم ، ورسول الله بأشدّ الحاجة حتىٰ إلى المعين الواحد ، حتّىٰ إلىٰ المساعد الواحد ، فكيف وقبيلة عربيّة فيها رجال ، أبطال ، عدد وعُدّة ، في مثل تلك الظروف لمّا قيل له ذلك قال : « الأمر إلىٰ الله ... » ولقد كان بإمكانه أن يعطيهم شبه وعد ، ويساومهم بشكل من الأشكال ، لاحظوا هذا الخبر :
يقول ابن إسحاق صاحب السيرة ـ وهذا الخبر موجود في سيرة ابن هشام ، هذا الكتاب الذي هو تهذيب أو تلخيص لسيرة ابن إسحاق ـ : إنّه ـ أي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أتىٰ بني عامر بن صعصعة فدعاهم
__________________
(١) سورة الحجر : ٩٤.