إذن ، لماذا رماه ذاك بالرفض ، ولماذا رماه ذاك بالوضع ، ولماذا قال الآخر قولاً آخر في حقّه ، ولماذا كلّ هذا ؟
عرفتم أنّ القول بالمسح رأي كثير من الصحابة والتابعين ، وقول الحسن البصري أيضاً كذلك ، وقول الطبري صاحب التفسير والتاريخ أيضاً كذلك ، وهناك علماء آخرون أيضاً يقولون بهذا القول.
أذكر لكم قضيّة ، لاحظوا ، ذكروا (١) بترجمة أبي بكر محمّد بن عمر بن الجعابي ـ هذا الإمام الحافظ الكبير ، والمحدّث الشهير ـ ذكروا بترجمته أنّهم قد وضعوا علامة علىٰ رجله حينما كان نائماً ، وبعد أن راجعوا تلك العلامة بعد ثلاثة أيّام وجدوها باقية موجودة ! خطّوا علىٰ رجله بقلم أو بشيء آخر وهو نائم لا يشعر ، وبعد ثلاثة أيّام رأوا الخطّ موجوداً علىٰ رجله ، فقالوا بأنّ هذا الشخص لم يصلّ ، لأنّه إنْ كان قد صلّىٰ فقد توضّأ ، وإن كان قد توضّأ فقد غسل رجله ، وحينئذٍ تزول العلامة عن رجله ، ولمّا كانت باقيةً فهو إذنْ لم يصلّ هذه المدّة.
أقول : إن كان أبوبكر الجعابي تاركاً للصلاة حقيقةً ، فهذا ليس
_______________
(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٩٠.