فكيف بمن ماتوا منهم ـ وبعد قرون من الزمن ـ ؟
إننا لا نستبعد ـ من أجل تقوية النهـج الحاكم ـ ان ينسبوا إلى أعيان الصحابة قولاً يوافق ما يذهب إليه الخليفة ، وهذا ما فعلوه ـ غالباً ـ في كثير من المسائل.
لكن الأمر لم يخف علينا ، ويمكننا اثبات أن هناك تلاعباً مقصوداً من قبل الحكام في الفقه والحديث ، وذلك من خلال ما يرويه النهج الآخر من الصحابة ، وهم الذين لا يرتضون إلاّ نقل كلام رسول الله ، فترى هؤلاء يخطّئون من يسير على سيرة عمر في المتعة ، والتكبيرات على الميت وغيرها. فيقول أحدهم : « لا أترك سنة أبي القاسم لقـول أحـد » (١) أو يقول ابن عمر : « افسـنة عمر تتـبع أم سنة رسول الله ؟ » (٢) ويقول ثالث : « فعلها أبو القاسم وهو خير من عمر » (٣).
وعدد مرويات هؤلاء ليس بالقليل في الصحاح والسـنن والمصنّفات ، فيمكننا بكل بساطة تصحيح ما ضعفه الاخرون ـ تبعاً للخط الحاكم ـ عن الإمام علي بالمتابعات والشواهد الصحيحة المنقولة عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وعائشة وغيرهم ، فإن قول
__________________
(١) صحيح البخاري ٢ : ٥٦٧ ح ١٤٨٨ ، مسند أحمد ١ : ١٣٥ ح ١١٣٩.
(٢) البداية والنهاية ٥ : ١٤١ ، مسند أحمد ٢ : ٩٥ ح ٥٧٠٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ٥ : ٢١ ح ٨٦٥٨.
(٣) انظر سنن الدارمي ٢ : ٥٥ / ح ١٨١٤.