سبق لنا إثبات بطلان النظرية الاولى التي تزعم بترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للقرآن محفوظاً في صدور الصحابة وفي بعض الصحف ، ونَهْيه عن تدوين السنة ، أو قل تركها بلا جمع ، لمن يذهب إلىٰ أن حديث النهي قد نسخ.
فلايمكننا أن نتصور صدور هذا من نبي الله ، لأننا نروي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « تركتكم علىٰ المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالك » (١).
ونفهم من هذا النص أنّ المحجة البيضاء كانت موجودة بالفعل وقت قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لهذا النص ، قبل أن يشير عمر علىٰ أبي بكر بجمع القرآن ، وقبل أن يأمر عمر بن عبد العزيز ابن حزم بجمع الحديث.
والمحجة البيضاء التي تركهم صلىاللهعليهوآلهوسلم عليها هي اتِّباع آل البيت عليهمالسلام وأخذ الإسلام منهم ، لأنّهم أعرف من غيرهم بالكتاب والسنة.
ولو دققنا النظر في قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « تركتكم علىٰ المحجة البيضاء ... » وقوله : « تركت فيكم ... كتاب الله وعترتي » تتضح ملاحظة التوافق بينهما ، وأن حديث الثقلين يبيّن المقصود بالمحجة البيضاء ، ففي كلا الحديثين يقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « تركت ... ».
__________________
١) « مسند أحمد » ٤ / ١٢٦.