قال هشام : أمّا في ابتداء الشريعة فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأما بعد النبي فعترته... » (١).
وقال هشام بن الحكم لأحد خصومه الذين ينكرون وجود مبيّن للإسلام :
« أتقول أن الله عدل لا يجور ؟
قال : نعم هو عدل لا يجور.
قال هشام : فلو كلّف الله المقعد المشي إلىٰ المساجد والجهاد في سبيل الله ، وكلّف الأعمىٰ قراءة المصحف والكتب ، أتراه كان عادلاً ؟
قال : ما كان الله ليفعل ذلك.
قال هشام : علمت أنّ الله لا يفعل ذلك ، ولكن علىٰ سبيل الجدل والخصومة أن لو فعل ذلك أليس كان في فعله جائراً إذا كان تكليفاً لا يكون السبيل إلىٰ إقامته وإقامة أدامه ؟
قال : لو فعل ذلك لكان جائراً.
قال هشام : فأخبرني عن الله عزّوجلّ كلّف العباد ديناً واحداً لا اختلاف فيه ، ولم يقبل إلاّ أن يأتوا به كما كلّفهم ؟ فجعل لهم دليلاً علىٰ وجود ذلك الدين ؟ أو كلفهم ما لا دليل لهم علىٰ وجوده ، فيكون بمنزلة من كلف الأعمىٰ قراءة المصحف والكتب والمقعد المشي إلىٰ الجهاد والمساجد ؟
فسكت خصمه ساعة ثمّ قال : لا بدّ من دليل ، وليس بصاحبك.
فتبسّم هشام وقال : تشيّع شطرك وصرت إلىٰ الحق ضرورة ، ولا
__________________
١) « الاحتجاج » ٢ / ٢٧٧ ـ ٢٨١.