( رحلته إلى الأمصار والبلدان )
لاكتساب الفضائل وسماع الأحاديث عن المشايخ العظام
ولد ـ رضي الله تعالى عنه ـ بقم (١) ، ونشأ بها وتتلمذ على أساتذتها ، وتخرج
__________________
(١) بلدة معروفة تسكنها الشيعة منذ عصرها القادم ، وهي إلى الآن تكون مركزا لحملة العلم والحديث وموضعا لنشر علوم أهل البيت ، صنف الحسن بن محمد بن الحسن القمي المتوفى ٣٧٨ المعاصر لشيخنا المترجم الصدوق والراوي عنه كتابه تاريخ قم في توصيفها وفصل الكلام فيما يتعلق بها جغرافيا وسياسيا وعلميا واقتصاديا ، وعد في الباب السادس عشر علماء الشيعة في عصره ٢٦٦ شخصا ، وعلماء العامة ١٤ شخصا ، وأول من سكنها من الشيعة عبد الله والأحوص وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم وهم بنو سعد بن مالك بن عامر الأشعري ، نزلوها سوى سعد في يوم السبت أول الحمل من سنة ٩٤ الهجرية ، وأما سعد فقد لحق بهم بعد أن باع ضياعها بكوفة بخمسين ألف مثقال من الذهب ، وقد ذكرها علماء أخبار البلدان في كتبهم ، قال اليعقوبي المتوفى حدود ٢٩٠ في كتاب البلدان ص ٣٨ : ومدينة قم الكبرى يقال لها : منيجان وهي جليلة القدر ، يقال : إن فيها ألف درب ، وداخل المدينة حصن قديم للعجم ، والى جانبها مدينة يقال لها : كمندان ، ولها واد يجري فيه الماء بين المدينتين عليه قناطر المعقودة بحجارة يعبر عليها من مدينة منيجان إلى مدينة كمندان ، وأهلها الغالبون عليها قوم من مذحج ثم من الأشعريين ، وبها عجم قدم وقوم من الموالي يذكرون انهم موال لعبد الله بن العباس بن عبد المطلب ـ ثم ذكر أنهارها وقنواتها ورساتيقها إلى أن قال : ـ وخراجها أربعة آلاف وخمسمائة ألف درهم.
وذكرها الياقوت في معجم البلدان ٤ : ٣٩٧ وفصل في أخبارها قال : هي مدينة اسلامية مستحدثة لا أثر للأعاجم فيها ، وأول من مصرها طلحة بن الأحوص الأشعري ، وبها آبار ليس في الأرض مثلها عذوبة وبردا ـ إلى أن قال : ـ وهي كبيرة حسنة طيبة وأهلها كلهم شيعة إمامية ، وكان بدء تمصيرها في أيام الحجاج بن يوسف سنة ٨٣ ، وذلك أن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ابن قيس كان أمير سجستان من جهة الحجاج ، ثم خرج عليه وكان في عسكره سبعة عشر نفسا من علماء التابعين من العراقيين ، فلما انهزم ابن الأشعث ورجع إلى كابل منهزما كان في جملته أخوة يقال لهم : عبد الله والأحوص وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم وهم بنو سعد بن مالك بن غامر الأشعري