فقال الشّيخ للقاضي عبّاد بن جماعة : إنّي شافعيّ المذهب وأنت إمام المذهب وقاضيه ، فاحكم في بمذهبك ، وإنّما قال الشّيخ ذلك لأنّ الشافعيّ يجوّز توبة المرتدّ ، فقال ابن جماعة لعنه الله : على مذهبي يجب حبسك سنة كاملة ثمّ استتابتك أمّا الحبس فقد حبست ، ولكن تب إلى الله واستغفر حتّى أحكم بإسلامك ، فقال الشّيخ : ما فعلت ما يوجب الاستغفار ـ خوفا من أن يستغفر فيثبت عليه الذنب ـ فاستغلظه ابن جماعة وأكّد عليه فأبى عن الاستغفار فسارّه ساعة ثمّ قال : قد استغفرت فثبت عليك الحقّ.
ثمّ قال للمالكيّ : قد استغفر والآن ما عاد الحكم إليّ ، غدرا منه وعنادا لأهل البيت عليهمالسلام ، ثمّ قال عبّاد : الحكم عاد إلى المالكيّ فقام المالكيّ وتوضّأ وصلّى ركعتين ثمّ قال : قد حكمت بإهراق دمه ، فألبسوه اللباس ، وفعل به ما قلناه من القتل ، والصّلب ، والرّجم ، والإحراق ، وساعد في إحراقه شخص يقال له محمّد بن الترمذيّ مع أنّه ليس من أهل العلم وإنّما كان تاجرا فاجرا. انتهى
تلامذته والرّاوون عنه
كان ـ رحمهالله ـ علما من الأعلام ، ووجها من وجوه أصحابنا ، يرود إليه طلّاب العلم ، وروّاد الفضل ، فهو شيخ من المشايخ العظام ، أسطوانة للفقه والكلام قد تخرّج عليه جمع من الفقهاء ، وسمع منه كثير من مشايخ الإجازة :
منهم : شيخ مشايخ الإماميّة في عصره ، أبو الحسن علي بن هلال الجزائري مولدا العراقيّ أصلا ومحتدا ، ففي إجازة المحقّق الكركيّ للقاضي صفيّ الدّين عيسى ، قال بعد ما أثنى على شيخه أبي الحسن عليّ بن هلال الجزائريّ ثناء بالغا :وهذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة من الأساطين من أجلّاء تلامذة الشهيد الأوّل وفخر المحقّقين منهم الشّيخ مقداد بن عبد الله السيوريّ عن الشهيد (١).
__________________
(١) المستدرك ج ٣ ص ٤٣٥ ، الرّوضات ص ٦٣٩.