عند الشيعة الإمامية ، وتقاطر عليه العلماء لحضور مجلسه حتى عد تلاميذه أكثر من ثلاثمائة من مختلف المذاهب الاسلامية ، وقد منحه الخليفة العباسي القائم بأمر الله ( ٤٢٢ ـ ٤٦٧ هـ )كرسي الكلام،وكان هذا الكرسي لايعطى إلا للقليلين من كبار العلماء ، ولرئيس علماء الوقت ، والظاهر أن تقدير الخليفة العباسي للشيخ الطوسي أثار عليه حسد بعضهم فسعوا به لدى الخليفة القائم ، واتهموه بأنه تناول الصحابة بما لا يليق بهم ، وكان الشيخ المفيد أستاذ الشيخ الطوسي ، واحدا من أولئك الذين لففت حولهم مثل هذه التهمة ، وكانت بغداد مسرحا لأمثال هذه الفتن ، وقد وجدت طريقها عام ٤٤٧ هـ عند دخول السلاجقة ، واشتد عنفها عام ٤٤٨ هـ ، فقد بلغت الفتن فيها ذروتها من العنف والقتل والاحراق ، ولم يسلم الشيخ الطوسي من غوائلها ، فقد كبست داره ونهبت وأحرقت ، كما وأحرقت كتبه وآثاره ودفاتره مرات عديدة ، وبمحضر من الناس ، كما وأحرق كرسي التدريس الذي منحه الخليفة القائم له ، ونهبت أثاثه كذلك ، وقتل أبو عبد الله الجلاب على باب داره وهو من كبار علماء الشيعة ، وكانت الدولة العباسية آنذاك في ضعف وتدهور ، حيث فقدت هيبتها وسلطانها على النفوس ، وأصبحت عاجزة عن إقرار النظام ، مما جعل بعض السلفيين المتشددين الذين كانوا يفيدون من الخلاف والفرقة بين عناصر المجتمع ، واذاهم ما لمسوه من تقارب نسبي بين الطوائف المسلمة ، فجندوا أنفسهم لتعكير صفو الامن ، وأظهروا كل ما تكنه نفوسهم من تعصب ضد خصومهم في المذهب ، فاعتدوا على رجال العلم ، وعرضوا قسما مهما من التراث الاسلامي إلى الضياع ، بإحراقهم المعاهد ودور العلم.
وقد ألف الشيخ الطوسي في أثناء زعامته المطلقة للمذهب الامامي كتاب ( العدة ) في أصول الفقه ، و ( المقدمة إلى علم الكلام ) و ( مصباح المتهجد ) و ( المبسوط ) و ( النهاية ) في الفقه ، و ( مسائل الخلاف ) في الفقه المقارن.
وهاجر الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف سنة ٤٤٨ هـ ، بعد فراره من بغداد أثناء الفتنة التي عصفت بها عند دخول السلاجقة ، وبقي فيها حتى وفاته سنة ٤٦٠ هـ ، واستمرت أسرته فيها من بعده ، ولا يزال بيته قائما فيها حتى الوقت الحاضر ، بيد أنه