وتقبيل الأرض الطاهرة ، ويسقط في أبواب الحرم الحسيني الشريف على وجهه ويقبّلها ويدخل الحرم ، وكان أيضا يراعي تلك الآداب ويفعل هذه الأفعال عند زيارة أبي الفضل العبّاس عليهالسلام (١).
وينقل لنا نظير هذه الواقعة التنكابني في « قصص العلماء » في خضوعه وخشوعه في حريم أهل البيت عليهمالسلام.
ومن الطريف أنّه مع كلّ تذلّله وخضوعه بين يدي ربّه وأوليائه ، نراه أبيّ النفس إمام أصحاب القدرة والسلطان ، غنيّا عنهم.
يقول عنه في « الفوائد الرضوية » ـ ما ترجمته ـ : .. اهدي له طاب ثراه من حاكم الوقت ـ آغا محمّد خان قاجار ـ قرآنا نفيسا بخطّ الميرزا النيريزي ، مرصّعا بالياقوت والألماس والزبرجد وغيرها من الأحجار الكريمة ، فما كان من شيخنا إلّا أن صدّ رسل السلطان وأنّبهم على ترصيعهم وتذهيبهم للقرآن الكريم ، وأمر ببيع هذه الجواهر والأحجار الكريمة وتوزيع ثمنها بين الطّلاب والمساكين (٢).
وكان طاب ثراه يجلّ نفسه عن موائد السلاطين ولا يعتني بصولتهم الظاهريّة ، مع ما تراه خاضعا في ساحة أئمّة الهدى عليهمالسلام. ليس هذا فحسب ، بل يعدّ سرّ توفيقه وعلّة ترقّيه من جهة تجليله وتبجيله للعلماء ، يقول في « روضات الجنّات » : إنّه كتب في الجواب ـ لما سئل عن سرّ وصوله إلى هذه المرتبة العالية ـ : لا أعلم من نفسي شيئا أستحقّ به ذلك ، إلّا أنّي لم أكن أحسب نفسي شيئا أبدا ، ولا أجعلها في عداد الموجودين ، ولم آل جهدا في تعظيم العلماء والمحمدة على أسمائهم ، ولم أترك الاشتغال بتحصيل العلم مهما استطعت ، وقدّمته على كلّ مرحلة دائما (٣).
__________________
(١) معارف الرجال : ١ / ١٢١ ـ ١٢٣.
(٢) لاحظ! الفوائد الرضويّة : ٤٠٦ ، باختصار.
(٣) روضات الجنّات : ٢ / ٩٨.