كان بحقّ نزيها منزّها من جميع التعلّقات الظاهريّة والزخارف الدنيويّة ، يقول لنا في « مرآة الأحوال » (١) ـ ما ترجمته ـ : لم يصرف همّته العالية طوال عمره الشريف لجمع الزخارف الدنيويّة الّتي كان يسع أقلّ تلامذته تحصيلها ، بل لم يكن أصلا عارفا بأنواع المسكوكات المختلفة من دراهم ودنانير والفرق بينها ، بل استولى عليه الابتعاد عن أصحاب المقامات الدنيويّة ، وأبعد نفسه الشريفة عن معاشرة أولئك إلى مصاحبة الفقراء والمساكين ، حيث كان يلتذّ بذلك.
ونقل في « قصص العلماء » ـ ما ترجمته ـ : إنّ في سنة من السنين خاطت له زوجته جبّة في أيّام الشتاء فلبسها طاب ثراه ، ولمّا حان وقت المغرب ذهب إلى المسجد ، فبادر أحد الأراذل إلى تعرية رأسه ومشى حافيا إلى الشيخ رحمهالله وعرض له حاله وعريته وبرودة الهواء ، وطلب منه أن يفكّر له بتغطية رأسه ، فسأله الشيخ قدسسره : هل معك سكّين؟ فأجاب : نعم ، فأخذ السكّين منه وقصّ أحد كمّيه وأعطاه إيّاه ، وقال : خذ هذا الكمّ وضعه على رأسك هذه الليلة كي أجد لك حلّا غدا ، وعند عودته إلى البيت رأت زوجته أنّ جبّته بدون الكمّ ، فتأثّرت منه ، حيث أنّها قضت مدّة طويلة لتهيئة هذه الجبّة فأنقصها بقطع كمّها (٢).
ولعلّ نتيجة هذا النوع من الورع والتقوى والتنزّه عن المادّيات كان له الأثر في تقويته الروحيّة وتعاليه في الكمالات المعنويّة ، بحيث أنّ الميرزا محمّد الأخباري عدّه في كتابه « دوائر العلوم » في عداد من حظي بلقيا إمام العصر والزمان أرواحنا فداه.
وقال آخرون عنه ـ بالإضافة إلى ما مرّ ـ : إنّه كان مطّلعا على ما في ضمائر الآخرين.
__________________
(١) مرآة الأحوال : ١ / ١٢٩.
(٢) قصص العلماء : ٢٠٢.