النبوة ، والله لأغتنمن دعاءه ، فجعلت أرقبه حتى فرغ من صلاته ، ورفع باطن كفيه إلى السماء ، وجعل يقول :
سيدي سيدي ، هذه يداي قد مددتهما إليك بالذنوب مملوة ، وعيناي إليك بالرجاء ممدودة ، وحق لمن دعاك بالندم تذللا ان تجيبه بالكرم تفضلا ، سيدي ، امن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي ، أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي.
سيدي ، ألضرب المقامع خلقت أعضائي ، أم لشرب الحميم خلقت أمعائي ، سيدي ، لو أن عبدا استطاع الهرب من مولاه لكنت أول الهاربين منك ، لكني اعلم اني لا أفوتك.
سيدي ، لو أن عذابي يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه ، غير اني اعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين ، ولا ينقص منه معصية العاصين ، سيدي ، ما انا وما خطري (١) ، هب لي خطاياي بفضلك ، وجللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك.
الهي وسيدي ، ارحمني مطروحا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي ، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ، وارحمني محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي ، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي ، فما للعبد من يرحمه الا مولاه.
__________________
(١) خطري : منزلتي وقدري.