وبعض كلمته من شجرة تكليما ، وجعلت له من أخيه ردءا (١) ووزيرا ، وبعض أولدته من غير أب ، وآتيته البينات وأيدته بروح القدس.
وكلا شرعت له شريعة ، ونهجت منهاجا ، وتخيرت له أوصياء ، مستحفظا بعد مستحفظ ، من مدة إلى مدة ، إقامة لدينك ، وحجة على عبادك ، ولئلا يزول الحق عن مقره ، ويغلب الباطل على أهله ، ولا يقول أحد لولا أرسلت إلينا رسولا منذرا ، فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى.
إلى أن انتهيت بالامر إلى حبيبك ونجيبك محمد صلىاللهعليهوآله ، فكان كما انتجبته سيد من خلقته ، وصفوة من اصطفيته ، وأفضل من اجتبيته ، وأكرم من اعتمدته.
قدمته على أنبيائك ، وبعثته إلى الثقلين من عبادك ، وأوطأته مشارقك ومغاربك ، وسخرت له البراق ، وعرجت به إلى سمائك ، وأودعته علم ما يكون إلى انقضاء خلقك.
ثم نصرته بالرعب ، وحففته بجبرئيل وميكائيل والمسومين من ملائكتك ، ووعدته ان تظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون.
وذلك بعد أن بوأته (٢) مبوء صدق من أهله ، وجعلت له ولهم أول بيت وضع للناس ، للذي ببكة مباركا ، وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات ،
__________________
(١) الردء : الناصر ، العون.
(٢) بوأه هيأ له وانزله فيه.