وسخر لك البراق ، وأسرى بك إلى السماء ، وأرقى بك في علو العلاء ، وأصعدك إلى الملأ الأعلى ، وأحظاك بالزلفة الأدنى ، وأراك الآية الكبرى ، عند سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى ، ما زاغ بصرك وما طغى ، وما كذب فؤادك ما رأى.
اشهد أنك أتيت بالأعلام القاهرة ، والآيات الباهرة ، والمفاخر الظاهرة ، وبلغت الرسالة ، وأديت الأمانة ، ونصحت الأمة ، وأوضحت المحجة ، وتلوت عليها الكتاب والحكمة ، وبينت لها الشريعة ، وخلفت فيها الكتاب والعترة ، وأكدت عليها بها الحجة.
اشهد أنك المبعوث على حين فترة من الرسل ، وحيرة من الأمم ، وتمكن من الجهل ، وارتفاع من الحق ، وغلبة من العمى ، وشدة من الردى ، واعتساف من الجور ، وامتحاء من الدين ، وتسعر من الحروب والبأس ، والدنيا متنكرة لأهلها ، منقلبة على أبنائها ، ثمرها الفتن ، وطعام أهلها الجيف ، وشعارها الخوف ، ودثارها السيف.
قد مزقت أهلها كل ممزق ، وطردتهم كل مطرد ، وأعمت عيونهم ، وأشجت قلوبهم ، وشغلتهم بقطع الأرحام ، وعبادة الأصنام ، وخدمة النيران ، واستأصلت الكفر ، وهدمت الشرك ، ومحقت الضلالة ، ونفيت الجهالة ، وكشف الله عنهم بك البلاء ، ورد عن ديارهم بك الأعداء ، ورفع من بينهم العداوة والبغضاء ، وألف بين قلوبهم ، وأعاد الرحمة إلى صدورهم ، وفتح الله عليهم أبواب النعم ، وألبسهم حلل العز والكرم.