القول الثاني كما هو نظر رجاليي الشيعة وفقهائهم إلاّ ما شذ ، فلا بدّ للطائفتين من الاذعان بانّ المعتبر في الراوي هو صدقه سواء كان سنياً أو شيعياً. وهذا هو الخط الوسط الموصل للحق ، وبه تقترب الطائفتان المسلمتان ، وكلمة الله هي العليا.
خامسها : انّه لا يوجد عند الشيعة كتاب يحكم بصحة جميع رواياته ، فاعظم كتبهم واشهرها هو الكافي والفقيه ـ أي من لا يحضره الفقيه ـ والتهذيب والاستبصار ، وجماهير علمائهم من الفقهاء والاصوليين والمتكلّمين والمفسّرين وسائر اصنافهم لا يعتمدون على جميع أحاديث هذه الكتب ، بل ينظرون أوّلاً إلى اسنادها ومنها يحكمون بصحتها أو ضعفها (١) ، واحسن من هذا انهم لا يعتمدون على تصحيحات صدرت من بعضهم ، فاذا قال فقيه ان الرواية الفلانية صحيحة لا يحكم غيره بصحتّها إذا لم يقف على وثاقة رواتها ، فالتوثيق أمر ، والتصحيح أمر آخر ، ويقولون انّ الثاني أمر اجتهادي لا يجوز قبوله لمجتهد آخر ، وأمّا التوثيقات الرجالية فيقبلونها من باب قبول خبر الثقة في الحسيات ، كما جرت عليه بناء العقلاء في معايشهم.
وهذه الحرية والابتعاد عن الجمود لا توجد عند أهل السنّة بالنسبة إلى الصحاح الستة ، بل اصبح الغلو في صحّة رواياتها من علامة الاخلاص والايمان!!!
ونحن مع تقديرنا لجامعي الصحاح والاقرار بفضلهم لا نجوّز تقليدهم لغيرهم بوجه مطلق ، فانّ ذلك تحقير للعقل والضمير وابطال
__________________
(١) وذهب جمع من الاخباريين منهم إلى صحة روايات هذه الكتب وبالخصوص الكافي منها ، ولكن المحققين منهم ابطلوا تلفيقاتهم باتقن ادلّة.