بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق بلطيف حكمته بنية الإنسان ، واختصه بما علمه من بديع البيان ، وسخر له ما في الأرض من جماد ونبات وحيوان ، وجعلها له أسباباً لحفظ الصحة وإماطة الداء ، يستعملها بتصريفه في حالتي عافيته ومرضه بين الدواء والغذاء ، نحمده حمد الشاكرين ، ونصلي على أنبيائه أجمعين.
وبعد : فإنه لما رسم بالأوامر المطاعة العالية المولوية ، السلطانية الأعظمية الملكية الصالحية النجمية ، لا زالت نافذة في المغارب والمشارق ، وأرزاقها شاملة لكافة الخلائق ، وبواترها ماضية في قمم الأعداء والمفارق ، بوضع كتاب في الأدوية المفردة تذكر فيه ماهياتها وقواها ومنافعها ومضارها وإصلاح ضررها ، والمقدار المستعمل من جرمها أو عصارتها ، أو طبيخها والبدل منها عند عدمها ، قابل عبد عتباتها ، وغذي نعمتها هذه الأوامر العالية بالامتثال ، وسارع إلى الانتهاء إليها في الحال ، ووضع هذا الكتاب مشتملاً على ما رسم به وعرف بسببه ، وأودع فيه مع ذلك أغراضاً يتميز بها عما سواه ، ويفضل على غيره بما اشتمل عليه وحواه.
الغرض الأول : بهذا الكتاب استيعاب القول في الأدوية المفرعة والأغذية المستعملة على الدوام والاستمرار عند الاحتياج إليها في ليل كان أو نهار ، مضافاً إلى ذلك ذكر ما ينتفع به الناس من شعار ودثار ، واستوعبت فيه جميع ما في الخمس مقالات من كتاب الأفضل ديسقوريدوس بنصه وكذا فعلت أيضاً بجميع ما أورده الفاضل جالينوس في الست مقالات من مفرداته بفصه ثم ألحقت بقولهما من أقوال المحدثين في الأدوية النباتية والمعدنية والحيوانية ما لم يذكراه ، ووصفت فيها عن ثقات المحدثين ، وعلماء النباتيين ما لم يصفاه ، وأسندت في جميع ذلك الأقوال إلى قائلها ، وعرفت طرق النقل فيها بذكر ناقلها ، واختصصت بما تم لي به