وانك قد وقفت في النص الثاني على منع الخليفة الصحابة من التحديث خوفاً من الاختلاف ، فكيف به لا يخاف من الأخذ بهذه الصحيفة وهي مدوّنة ومكتوبة بخطه ، فرأىٰ أن لا محيص من إحراقها تحاشياً من التمسك بها علىٰ خطأه ، فتراه يقول : ( فأكون قد نقلت ذلك ).
نعم بات الخليفة يعتقد بعدم جواز التحديث عن رسول الله دون فرق بين المحدث ، سواء كان مسموعاً عن رسول الله بواسطة أو بغير واسطة ، لأن التحديث سيعارض اجتهاده ، وهو ما ستعرفه لاحقاً ، فقال : ( لا تحدثوا عن رسول الله شيئاً ).
أما الجواب عن السؤال الثالث :
كيف ينقلب المؤتمن الثقة إلى غير مؤتمن وثقة ؟!
وهل يصح طرح روايات مثل تلك بفرض احتمال الكذب عليه ؟!
ولو قبل الخليفة وثاقة الرجل لقوله : ( ائتمنته ووثقته ) ، فكيف يمكنه طرح كلامه بمجرد احتمال الكذب والسهو عليه ؟
إن اعتبار هذا الأصل في التشريع سيقضي على السنة النبوية قضاءاً تاماً ، لإمكان ورود مثل هذا الاحتمال في جميع الأخبار المعتمدة عند المسلمين.