إنَّ التأكيد على سيرة الشيخين في الشورى ، وسماح عثمان ومعاوية في الاكتفاء بالأحاديث التي عُمِل بها في عهد عمر لا غير ، وقرار الخليفة عمر بن عبدالعزيز حصره التدوين ( بسنّة صاحبيه ، أمّا غيرهما فنرجئهما ) (١) وغيرها من النصوص آنفة الذكر.
تدلّ هذه المراحل على أنَّ آراءَها أصبحت سنّة يُعمَل بها ، وأنَّ اجتهادهما صار أصلاً ثالثاً في التشريع الإسلاميّ لم يكن يدّعيه ـ الشيخان ـ من قبل.
وبهذا يتبيّن أنّ ما ذهب إليه إسماعيل أدهم وتوفيق صدقي ورشيد رضا (٢) ومنكرو السنّة في الباكستان القائلين بلزوم الاكتفاء بالقرآن ، إنّما كان كلامهم نتيجة حتميّة لمنع الشيخين من كتابة وتدوين حديث رسول الله.
واستبان لك كذلك عدم صحّة ما علّل به الشيخان في المنع ، وما علّله به الآخرون من الكتّاب ، شيعةً وسنّة ، مستشرقين ومسلمين ،
__________________
(١) فعن حاجب بن خليفة البرجمي قال : شهدت عمر بن عبدالعزيز يخطب النّاس وهو خليفة فقال في خطبته : ألا إن ما سن رسول الله صلىاللهعليهوآله وصاحباه فهو دين نأخذ به وننتهي إليه وما سن سواهما فإنا نرجئه. حلية الأولياء ٥ : ٢٩٨ ، تاريخ الخلفاء ١ : ٢٤١.
(٢) انظر دراسات في الحديث النبويّ للدكتور الأعظميّ : ٣٢.