وإن تكرار هذه الحالة كانت تؤدي إلى التشكيك في قدراته العلمية ، ومنه التشكيك في صلاحيته للخلافة ، وفي المقابل تقوية الجناح المقابل له برجوع الناس إليهم.
فكان عليه أن يحدّد التشريع بنفسه ، فقام أولاً بسدّ باب التحديث عن رسول الله ، وجمع الصحابة عنده (١) وأمرهم بأن يأتوه بمدوناتهم (٢) فأحرقها بالنار ، ومعه شرّع الاجتهاد لنفسه وللصحابة ، ثم جاء ليحدّد التشريع بنفسه والخلفاء من بعده ، فقال للصحابة : أنا أعلم منكم آخذ منكم وأرد عليكم ، وجاء عنه أنه خطب واعترض على الصحابة لاختلافهم وقوله لهم : من أي فتياكم يصدر المسلمون.
نعم إن الخليفة حدّد الفتيا لنفسه ثم لكل أمير من بعده.
فعن أبي موسى الأشعري أنّه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك ، فانك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك حتى يفتيه ، فسألته ، فقال عمر : قد علمت أن النبي قد فعله وأصحابه ولكنّي كرهت أن يظلوا معرّسين بهن في الاراك ثم
__________________
(١) اُنظر : تذكرة الحفاظ ١ / ٧ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ١١٠ ، مختصر تاريخ دمشق ١٧ / ١٠١ ، حجية السنة : ٣٩٥.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ١٤٠ ، حجية السنة : ٣٩٥.