له هذه الشدة في أوائل عهد الشيخين.
فلو صح قوله صلىاللهعليهوآله : « اقتدوا بالذين من بعدي أبا بكر وعمر » ، فلمَ نراهم يعترضون على الخليفة ولا يرتضون الأخذ منه ؟! وهذا يوضح أنهما لم يكونا يعتقدان بهذا الأصل ، بل يعرفان لزوم رجوعهما إلى القرآن والسنة لا غير ، لأنهما كثيراً ما سألا عن وجود آية أو حديث نبوي في الوقائع التي سئلوا عنها.
بلى ، إن الخليفة كان يسأل الصحابة عما لا يعرفه ويتراجع حينما كان يذكّر بالصحيح عن رسول ، لكنه بمرور الأيام صار داعياً إلى اتباع رأيه وسيرته ، فيجيب عن المسائل بمفرده دون أن يستشير أحداً من الصحابة ، ويختلف النقل عنه في الواقعة الواحدة ، فتراه يقول : تلك على ما قضينا وهذه على ما قضينا (١).
وبذلك صار عند المسلمين نهجين :
١ ـ فقه النصوص.
٢ ـ فقه الرجال.
أي : أنّهم بعد أن دعوا إلى الأخذ بسيرة الشيخين جاء عثمان وأضاف سيرته إليهما ، فرووا : حديث التفاضيل ( أبو بكر ، عمر ،
__________________
(١) السنن الكبرى ٦ / ٢٥٥.