إختلافا كثيرا جدّا حتى أن لحم الحيوان الذي مزاجه رطب جدا إذا هو ملح صار يجفف تجفيفا كثيرا جدا أكثر من تجفيف لحم الحيوان الذي مزاجه يابس جدّا إذا هو لم يملح ولم يقدد أيضا ، وكذا اللحم المشوي أيبس من المطبوخ بالماء. وقال مرة أخرى : إذا هو لم يملح ولم يقدّد كذلك كان أقل خلطا لأن النمكسود يولد خلطا غليظا مائلا إلى السواد ولا ينبغي أن يكثر إستعماله وخاصة من الغالب على بدنه السوداء ، ودمه غليظ رديء لأنه يزيد الدم غلظا ورداءة. الرازي في دفع مضار الأغذية : القديد والنمكسود يناسب اللحم الطري الذي يعمل منه إلا أن التمليح يزيده فضل يبس وحرارة وبطء انهضام والقديد يزيده مع ذلك كيفية أخرى بحسب الأبازير التي طرحت عليه فيكون المقدد منه بالصعتر والنانخواه والفلفل أزيد حرّا والمتخذ بالكزبرة أقل حرا ، وإن نقع منه في الخل قبل ذلك كان أقل حرارة وأسرع هضما وألطف ، وبالجملة فهو قليل الغذاء بالإضافة إلى اللحم الطري يصلح لمن يريد تجفيف بدنه ويضرّ بالجملة لمن يعتريه القولنج ويورث إدمانه الحكة والجرب ويجعل الدم سوداويا غليظا ولا سيما إذا كان من لحم له أن يفعل ذلك كلحوم الصيد ونحوها وهو صالح للمستسقين إذا لم يكن كثير الملح وكان قد نقع في الخل قبل تقديده فطرحت عليه البزور المدرة للبول وخشن الصدر والرئة ومما يدفع به ضرره أن يطال في الماء إنقاعه ويطبخ في البقول اللزجة كالإسفاناخ والسرمق ويطرح فيها من الشحوم الطرية والأدهان التفهة كدهن اللوز والسمسم والزبد والسمن فإن ذلك يعدلها ويميل بها إلى الصلاح ويشرب عليه من الطلاء الحلو من كان يعتاده يبس الطبع ومن النبيذ الكثير المزاج فأما من كان يقصد تجفيف بدنه كالمستسقين والمترهلين ونحوهم فلا يحتاجون فيه إلى ذلك بل ينبغي أن يطيلوا إنقاعه في الخل ليعدموا تعطيشه وإسخانه ، ويبقى لهم تجفيفه ويأكلوه بالخل أيضا فإنه موافق لتجفيف البدن الرهل الرطب ، ويصلح لأن يدفع بالقديد وخامة الأطعمة الدسمة وكظة النبيذ ويسكن ثائرة الجوع إذا كان العزم على تأخير الطعام فيدفع القليل منه مع الكعك والمري الجوع الكاذب الذي يعرض للسكارى ، ولا ينبغي أن يكثر منه ولا في هذين الوقتين فإن أكثر منه حتى يتبين مرة بعد مرة ترك حتى تنزل الطبيعة فإن لم تنزل بذلك أخذ شيء من الملينة للإسهال مما ذكرنا وإن لم يؤكل منه دون أن تنزل فإنه بذلك يؤمن حدوث القولنج ومن هاج به عن أكل قديد حرارة أو عطش من غير سخونة فليشرب عليه السكنجبين المبرّد ، ومن أصابه عليه يبس في الحلق والفم وعطش من غير سخونة فليشرب عليه الجلاب ويتحسى مرقة دسمة ويأخذ من اللورينج أو يتجرع دهن اللوز الحلو أو يأكل من لب الخيار ولا سيما إن كانت به حرارة.
نهما : الشريف : قال ابن وحشية : هي شجرة قديمة حسنة طيبة الرائحة ورقها مدوّر غليظ في خلقته على قضبانها وفي زغب يسير. مسيح : لونه أصفر وله زهر أحمر يشبه نوار الخطمي إلا أنه شبيه بالكأس عميق مفتوح وأكثر ما تنبت هذه الشجرة بأرض بابل وليست تطول كثيرا بل كقامة الإنسان ، والنوع الآخر يشبه الأوّل نباتا وقدرا إلا أن ورقه أدق من الأوّل وورده كألأوّل سواء في عظمه ولون وردها أبيض والشجرتان طيبتا الريح وخاصة زهرهما فإنه طيب الرائحة وحملها يكون في أوّل آذار وليس تخلف مكان الزهر ثمرا ولا بزرا وزهرهما حار يابس له رائحة طيبة وبخورهما ينفع الزكام ،