وما استمعوه من الأحاديث الشريفة بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وبما انهم مارسوا عملية الاستنباط وكان لهم نبوغ وفهم أكثر نوعا ما ، لذلك كان في مقدورهم استخراج الاحكام التفصيلية من الأحكام المجملة ، واستنباط الأحكام الفرعية من مصادرها العامة : الكتاب والسنة. وكان عددهم بالنسبة لصغر البلاد والمراكز الإسلامية كثيرا نوعا ما.
وقد جاء في إعلام الموقعين : « ان الفتوى حفظت عن أكثر من مائة وثلاثين من أصحاب رسول الله ما بين رجل وامرأة ، وكان المكثرون منهم سبعة : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعائشة ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر.
والمتوسطون منهم فيما روي عنهم من الفتيا : أبو بكر ، وأم سلمة ، وأنس بن مالك ، وأبو هريرة ، وعثمان ،. والباقون مقلون في الفتيا ، لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان والزيادة اليسيرة على ذلك. ».
وكانوا على درجات متفاوتة في قابلياتهم على استنباط الاحكام ، كما كانوا متفاوتين في كثرة الفتيا وقلتها. وذلك للأسباب التالية :
أولا : كان لقسم من الأحكام سيره التدريجي مما يقتضي الاطلاع على شأن نزول الايات لمعرفة الحكم.
ثانيا : كانت بعض الاحكام تنسخ لمصالح معينة ، فكان الحكم السابق يشرع لمدة معينة ، وما ان تنتهي مدته ، يحل محله حكم جديد باقتضاء عنصري الزمان والمكان. وبما أن أمد الحكم السابق لم يذكر في الكتاب والسنة ، لذلك لم يتسن للجميع تشخيص الناسخ من المنسوخ.
ثالثا : كان قسم من الاحكام ( في الكتاب أو في السنة ) قد ذكر في البداية بشكل عام أو بنحو مطلق ( وهذا للعامة أيضا ) ثمَّ خصص أو قيد بواسطة آيات أو