أحاديث أخرى.
رابعا : لقد جاءت بعض الاحكام في الكتاب والسنة مجملة ، ثمَّ تمَّ تفصيلها في آيات وروايات اخرى.
لذلك فان استنباط الاحكام من الكتاب والسنة يحتاج الى اطلاع كاف في هذه المجالات ، حيث ينبغي أن يكون الصحابي مجتهدا ، وصاحب رأي ، اضافة الى ضرورة وجود الذوق الخاص ، وملكة الاستنباط لديه ، كذلك لا بد له من مدة طويلة يحياها في صحبته مع النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، ويجب أن يكون ناضجا من خلال اهتمامه في كثرة السؤال من النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ والصحابة ، ويكون متمتعا بكفاءة الاجتهاد من خلال ممارسته المستمرة لعملية الاستنباط.
ومن الواضح أن هذا العمل لا يتيسر لجميع الأشخاص ، وبما أن بعضهم كان كثير الأشغال أو أدرك مدة قليلة من عصر النبوة ، وكذلك كانوا متفاوتين في القابليات والكفاءات ، لهذا لم يتسن لهم الارتقاء أكثر.
وفي ضوء هذا عندما كان يستفتي أحد الصحابة في بعض المسائل ، ولم يكن لديه نص من الكتاب أو السنة كان يعمل باجتهاده الخاص مستندا إلى قاعدة القياس أو المصالح العامة للمسلمين فيفتي في المسألة ، في حين كان صحابي آخر يفتي فيها فتوى اخرى على خلاف الفتوى الاولى باعتبار توفر نص لديه ، أو تشخيصه لمصلحة أخرى غفل عنها الأول.
أما الفقهاء من التابعين فكانوا مرجع الإفتاء بعد الصحابة ، وكان جل سعيهم عدم مخالفة الصحابة في الفتوى ، وذلك بسبب احترامهم البالغ لهم أولا ، وتصورهم أن الصحابة أعرف من غيرهم بالأحكام باعتبار صحبتهم للنبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ثانيا.
ولو كانت هناك فتويان في مسألة واحدة فلا يفتون فتوى ثالثة بل يأخذون بإحدى