الآراء السخيفة ، والشناشن الافنة ، والعقليات الطائشة ، وما يجر علينا من الويلات.
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ، كأنه غلبت على عقولهم مباهج هؤلاء الناكبين عن الصراط وظواهر ألفاظهم المعجبة واستولت على قلوبهم فيتحرون الحقيقة وراء نارهم يزعمون أنها نور لقلة رشدهم يتطلبون في الماء جذوة نار ، ويطلبون الدرياق من فقم الأفاعي مع ما عندنا ببركة ولاء أهل البيت (ع) ـ الذين هم عيبة علم الله وموئل حكمه وجبال دينه ـ من كتب العلماء والفطاحل وأساطين المذهب ما تخضع له الأعناق ، وتخبت به القلوب ، وتصبو إليه النفوس فأين يتاه بهم وكيف يعمهون وعندهم أضعاف ما عند غيرهم أما ما يعلمون؟! ويحهم أفحسبوا أن الله عزوجل رفعهم ووضعنا ، وأعطاهم وحرمنا وأدخلهم في رحمته ومنعنا ، كلا ما هكذا الظن به.
كل هذه معره التغافل والتسامح ، والصفح عن الواجب المأمور به في حفظ الكيان وذنب التساهل وعدم العناية بشأن الكتب ولا سيما المخطوطات ، ونتاج الجموح عن تحمل المسؤولية أو إحساسها ، ولا أريد في هذا المقام أن أزعجك بتطويل الكلام بل أود أن تقف عند هذه الملاحظة حتى ترى بعيني الحقيقة ودقة النظر ما ينطوي عليه موقفنا وموقف تراثنا العلمي المذهبي من الخطر ، إذ نحن تقاعسنا عن بذل كل مجهود في هذا السبيل ، وليس بعيب لنا أن نواجه الحقائق أو نرى بعين الواقع ، فكم لنا من كتاب مخطوط نفيس ونحن بحاجة ماسة ألية تركناه في رفوف المكتبات مهجورا وفي هوة الاهمال مستورا ولم نسع خطوة في سبيل طبعه أو قدما لابرازه ونشره ، فبقي مكتوما مغفولا عنه لا يعلم به أحد ولا ينتفع به طالب كالسر المكتوم أو الكنز المدفون.
نعم غاية جهدنا أن نعتز في نوادي الفضلاء ونقول : نسخة الكتاب الفلاني في مكتبه فلان ونسخة له أخرى عند فلان ، ونفتخر ويفتخرون ، ونباهي ويباهون ، و نبتهج ويبتهجون وهو كما ترى جعجعة بلا طحن ، وجلجلة بلا مطر ، وهذا هو الحق المبين والحق أبلج فلا يحتاج إلى زيادة البراهين.