كلؤلؤة في حنايا صدفة بدت فاطمة بفمها الدقيق .. بعينيها الواسعتين كنافذتين تطلاّن على عالم واسع .. عالم يموج بالصفاء والسلام.
أضاه الأمل منزلاً صغيراً من منازل مكّة .. وتفتّحت فاطمة للحياة كما تتفتح الورود والرياحين؛ ونمت في أحضان دافئة تنعم بقلبين ينبضان حبّاً لها وبنظرات تغمرها حناناً ورأفة.
وكبرت فاطمة .. نمت وبدأت تعي شيئاً ممّا يجري حولها تنظر إلى أمّها يغمره الحزن .. وربّما شعرت بمرارة تعتصر قلب أبيها وهو لا تعرف بعد سبباً لذلك .. تهفو نحو أمّها .. تقبل أباها .. فتعود البسمة الى الوجهين الحزينين .. وتشرق الفرحة من جديد كما تشرق الشمس من بين الغيوم لتغمر الأرض بالدفء والنور والأمل.
وتمرّ الأيام .. وتنمو فاطمة .. ويعصف القدر بقسوة .. وتجد الطفلة نفسها بين ذراعي والدتها في واد غير ذي زرع .. حيث أيام الجوع والخوف والحرمان ..
تصغي إلى أنّات المظلومين .. وتتأمّل سيوفاً مسلولة في الظلام. كبرت فاطمة في الشعب. فطمت اللبن ودرجت فوق الرمال. ومرّ عام.
ومرّ بعده عامان آخران .. فجأة اختطف القدر امّها .. فقدت نبعاً ثرّاً من الحبّ ..