أن يصمد الرجال في المعارك يقاتلون حتى النفس الأخير فتلك شجاعة فريدة تدعو الى الاعجاب .. ولكن أن يقدّم المرء نفسه للموت تتخطفه سيوف وخناجر فهذا لا يمكن أن تستوعبه أبجدية ما مهما بلغت من دقة التعبير وسمو المعنى.
همس علي وهو يصغي الى حديث رجل رافقه أكثر من عشرين سنة.
ـ أو تسلم يا رسول الله ان فديتك بنفسي؟
ـ نعم بذلك وعدني ربي.
كان عليّ حزيناً فمكّة تتآمر على قتل انسان بعثته السماء لخلاص الأرض ، ولكن حزنه تبدّل الى فرحة كبرى فتقدم الى فراش النبيّ بخطىً هادئة والتحف ببردته ينتظر السيوف التي ستمزّقه وستتدفق دماؤه نقيّة طاهرة ترسم فوق الأرض قصة رائعة من قصص الفداء.
كانت الأشباح المخيفة تتلصص من خلال شقّ في الباب فترى محمّداً ما يزال يغطّ في نومه هادئاً.
ـ ما يزال نائماً.
ـ ولن يستيقط بعد الليلة أبداً.
ـ سأغمد خنجري في قلبه.
ـ هذا الذي يسخر من آلهتنا.
تطلّع أحدهم من شقّ الباب وعاد ليطمئن أصحابه :