لهم أكبر الفضل فى إخراج هذا السفر العظيم إلى النور لقراء العربية ودارسيها ؛ وذلك بما لهم من فضل السبق فى إخراج وتحقيق أجزائه الأولى ، وبما لهم من فضل فى تيسير تصوير مخطوطات أجزائه الأخيرة لنا.
أما عن هذا الكتاب ومنهاج ابن سيده فى تصنيفه ، فنقول : إن ابن سيده قد سلك فى تأليف هذا الكتاب طريقة الخليل فى كتاب العين (١) ، تلك الطريقة التى تعتمد على ترتيب الحروف وفقا لمخارجها بدءا من الأبعد وانتهاء بالأقرب ، فكان ترتيبه كالتالى :
(ع ح هـ خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط ت د ظ ذ ث ر ل ن ف ب م ء ى و ا).
ومن ثم بدأ كتابه بكتاب العين ، ويضم كتاب العين كل المواد اللّغوية التى تكون العين من حروفها ، سواء أكانت حرفها الأول أم الأوسط أم الأخير.
ويضم كتاب الحاء جميع المواد اللغوية التى تشتمل على الحاء ، فى أى مكان منها ، بشرط ألا تكون قد وردت فى كتاب العين السابق ، وهكذا فى بقية الكتب.
وصنف بعد الخليل عدد من المعاجم اتبع أصحابها منهج الخليل فى كتابه العين على الجملة مع محاولة التعديل والتغيير بعض الشىء داخل الأبواب التى ضمتها تحت كل كتاب. وقد أفاد صاحب المحكم من هذه المعاجم التى اتبعت ترتيب الخليل وأضافت إليه.
وأهم هؤلاء الذين أفاد منهم ابن سيده فى محكمه :
١ ـ أبو على القالى صاحب كتاب البارع.
٢ ـ أبو منصور الأزهرى صاحب كتاب التهذيب.
٣ ـ الصاحب بن عبّاد صاحب المحيط.
٤ ـ أبو بكر محمد بن الحسن الزّبيدى ، صاحب مختصر العين.
ويهمّنا أن المحكم أفاد من جميع هذه التغييرات والتطوّرات التى حدثت قبله ، والتزم ما رآه أحسنها وأدقها. فقسّم كلّ كتاب إلى الأبواب التالية : الثنائى المضاعف الصحيح ، ثم الثلاثى الصحيح ، ثم الثنائى المضاعف المعتلّ ، ثم الثلاثى المعتلّ ، ثم الثلاثى اللّفيف ، ثم الرباعىّ ، ثم الخماسىّ. وأراد بالثنائىّ المضاعف ما ندعوه اليوم الثلاثى المضاعف ، مثل « شدّ ». وقد أخذ ابن سيده هذا التّقسيم كله من الزّبيدىّ ، الذى اتبعه فى مختصره للعين ، ثم زاد عليه باباً ذكره فى مواضع قليلة نادرة ، ودعاه مرّة السداسىّ ، وأخرى الملحق
__________________
(١) سبق الحديث بالتفصيل عن طريقة الخليل فى ترتيب كتاب العين فى مقدمة تحقيقنا لكتاب العين طبعة دار الكتب العلمية.