وبالمضاعف الفاء والعين مثل هَوْهاء ، إلى جانب نثره للمضاعف الرباعىّ فيها. وهذا التقسيم متَّبع أيضاً فى مختصر العين للزبيدىّ.
وإذن فابن سِيدَه ، التقط منهجه المحكم ، الذى يعتبر أدق منهج التزمته المعاجم التى سارت وفق كتاب العين للخليل من مختصر العين للزبيدى وأحسن تطبيقه فى معجمه الكبير بعد أن كان مطبَّقاً على معجم مختصر وتطلَّع ابن سيده إلى جانب الترتيب والتقسيم اللذين سبق توضيحهما ، إلى منهج آخر جدير بالإعجاب كله ، أراد تطبيقه على المواد التى أدخلها فى معجمه. وفصَّل القول فى مقدمته عن هذا المنهج وتفاصيله. وبالرّغم أن ابن سِيده لم يف بجميع تفاصيل هذا المنهج وفاء تامّا ، نحبّ أن نبين هذا المنهج هنا ، لأنه يمثِّل الصورة التى كان يستشرف إليها المؤلف ، لتكون صورة معجمه.
يقوم هذا المنهج على ثلاث شُعَب : حذف أمور ، وتنبيه على أمور ، وتمييز بين أمور متشابهة.
أما الحذف فللمشتقَّات القياسية ، لاطرادها ، والأمور التى تُفهم من سياق العبارة ، قال المؤلف عن كتابه : « ومن طريف اختصاره ، ورائق بديع نظم تِقصاره : أنى إذا ذكرت مِفْعَلا لم أذكر « مِفْعالا » ، لعلمى أن كل مِفْعل مقصور عن مِفْعال ، على ما ذهب إليه الخليل. ولذلك صحَّت العين من مِفْعل إذا كانت واواً أو ياء ، نحو مِجْوب ومِخْيَط ، لأنهما فى نية مِجْواب ومخياط.
ومنه أى لا أذكر ( افعالّ ) إذا ذكرت ( افعلّ ) من الألوان ، لأن كل ( افعلّ ) عند سيبويه من الألوان محذوفة من ( افعالّ ) إيثار التخفيف.
ومنه أى إذا ذكرت فُعَلِلاً أو فَعَلِلاً لم أذكر « فُعالِلا » ولا « فَعالِل » ، نحو عُلَبِط وجَنَدل ، وذلك لأن كل « فُعَلِل » مقصور من « فُعالِل » ، وكل « فَعَلِل » مقصور عن « فَعالِل » ، لأنه ليس من كلامهم التقاء أربع متحرّكات وضعا ، إلا بعد توسُّط الحذف ... (١).
وأما التنبيه على أمور فمن أمثلته :
قوله فى المقدّمة : « ومن أغرب ما تضمنه هذا الكتاب ، أن يكون الاسم يُكسَّر على بناء من أبنية أدنى العدد أو أكثره ، لا يتجاوزه إلى غيره. فإذا جاء مثل هذا ، قلنا : إنه لا يكسَّر على غير ذلك ، وذلك نحو الأفئدة ، والأذرع ، والأكُفّ ، والأقدام ، والأرجُل ، فإنه لا يكسر واحد من هذه عند سيبويه ، على غير هذه الأبنية الدالة على أدنى العدد وإن عُنِى به الكثير.
__________________
(١) انظر مقدمة المحققين لكتاب المحكم ص ( ١٦ ـ ١٨ ) ط. معهد المخطوطات العربية ، بتصرف يسير.