ومنه التنبيه على شاذّ النسب ، والجمع ، والتصغير ، والمصادر ، والأفعال ، والإمالة ، والأبنية ، والتصاريف ، والإدغام ...
ومنه أنى إذا رأيت صيغة مفعول لا فعل له ، أشعرت بذلك ، نحو مُدَرْهَم ، ومَفْئُود ، أعنى الجبان ، لا المصاب الفؤاد ، وماء مَعِين فى قول بعضهم. فإن كان له فعل غير متعدّ أعلمت به ، وقلت : إنه لم يُصَغ لفظ مفعول منه ، نحو ما حكاه الفارسىّ من قول العرب : دَرْهَمَتِ الخُبَّازَى ، أى صارت على شكل الدرهم ...
ومنه أنى إذا رأيت فعلاً لا مصدر له ، أشعرت بمكانه ، وذلك نحو يَذَرُ ويَدَع ، فإنى أقول فى مثل هذا : وليس لهذا مصدر. وكذلك إن لم يكن للفعل ماض أعلمت به أيضا ، وذلك كهذين الفعلين اللذين لا مصدر لهما ، فإنه لا ماضىَ لهما. فإن كان للفعل مصدر قد عُوّض إياه من غير لفظه. قلت : لا مصدر له إلا هذا ، نحو ما حكاه سيبويه من قولهم : هو يَدَعُه تركا ».
وقال المؤلف عن تمييز المشتبهات : « ومن غريب ما تضمنَّه هذا الكتاب ، تمييز أسماء الجموع من الجموع ، والتنبيه على الجمع المركَّب ، وهو الذى يسمِّيه النحويون جمع الجمع ، فإن اللُّغويين جمّا لا يميزون الجمع من اسم الجمع ، ولا ينبهون على جمع الجمع.
ومن طريف ما اشتمل عليه هذا الكتاب ، الفرق بين التخفيف البَدَلىّ ، والتخفيف القياسىّ ، وهو نوعا تخفيف الهمز ، كقولى : إن قول العرب أخْطَيْت ليس بتخفيف قياسىّ ، وإنما هو تخفيف بَدَلىّ محض ، لأن همزة أخطأت همزة ساكنة قبلها فتحة ، وصورة تخفيف الهمزة التى هَذِى نِصْبَتُها ، أن تُخلَص ألفاً محضة ، فيقال : أخْطَات ، كقولهم فى تخفيف كأس : كاس ... وهذا الذى أبَنْتُ لك ، فى أخطيت ونحوه ، باب لطيف قد نبا عنه طبع أبى عبيد وابن السّكِّيت وغيرهما من متأخِّرى اللغويين. فأما قدماؤهم فأضيق باعا ، وأنْبَى طباعا ...
ومما انفرَد به كتابنا ، الفرق بين القلب والبدل ، وعَقْد اسم الفاعل بالفعل إذا كان جارياً عليه ، بالفاء ؛ وعقده إذا لم يك جارياً عليه ، بالواو ، وذلك لسبب دقيق فلسفىّ ، لطيف خفىّ نحوىّ ...
ومن ذلك أن أفرّق بين الفعل المنقلب عن الفعل ، وبين الفعل الذى هو لغة فى الفعل ، وليس بمنقلب عنه ، بوجود المصدر وعدمه ، كجَذَب وجَبَذ ، فإنهما لغتان ، لأن لكلّ واحد منهما مصدرا ، وأما يَئِس وأيِس ، فالأخيرة مقلوبة عن الأولى ، لأنه لا مصدر لأيس ؛ ولا