* عَدَل يعْدِل عَدْلاً وهو عادلٌ من قوم عُدُولٍ وعَدْلٍ. الأخيرةُ اسمٌ للجمع كتَجْرٍ وشَرْبِ.
* ورجل عَدْلٌ وُصِفَ بالمصدر ، وعلى هذا لا يُثَنَّى ولا يُجمع ولا يُؤنَّث ، فإن رأيتَه مجموعاً أو مثَنّى أو مؤنثاً فعلى أنه قد أُجْرِىَ مُجْرَى الوصف الذى ليس بمصدر. وقد حكى ابن جنىّ : امرأةٌ عَدْلَةٌ. أنَّثوا المصدر لما جَرَى وصفاً على المؤنث. وقال ابن جنىّ : قولهم : رجلٌ عَدْلٌ وامرأة عَدْلٌ ، إنما اجتمعا فى الصّفةِ المذكَّرَةِ لأن التذكير إنما أتاها من قِبَل المصدريَّة ، فإذا قيل : رجلٌ عَدْلٌ فكأنه وُصِفَ بجميع الجِنْس مبالغةً كما تقول : استولى على الفَضْل ، وحاز جميع الرّياسة والنُّبْل. ونحو ذلك ، فَوُصِفَ بالجِنْسِ أجمَعَ تمكيناً لهذا الموضع وتوكيداً. وجُعِلَ الإفرادُ والتَّذكيرُ أمارَةً للمصدرِ المذكور ، وكذلك القولُ فى خَصْمٍ ونحوِه مما وُصِفَ به من المصادر. فإن قلتَ : فإنَّ لفْظَ المصدر قد جاء مؤنَّثاً نحوَ الزِّيادة والعيادة والصَّولَة والجُهُومة والمَحْمِيَةِ والمَوْجِدَةِ والطَّلاقةِ والبَساطة ونحو ذلك ، فإذا كان نفسُ المصدر قد جاء مؤنَّثاً فما هو فى معناه ومحمولٌ بالتأويل عليه أحْجَى بتأنيثه. قيل : الأصلُ لقوَّته أَحْمَلُ لهذا المعنى من الفَرْع لضعفِه ، وذلك أنَّ الزِّيادةَ والعِيادةَ والجُهومةَ والطَّلاقةَ ونحوَ ذلك مصادرُ غيرُ مشكوك فيها ، فَلَحاق التاء لها لا يُخْرِجها عما ثبَتَ فى النَّفْس من مصدريَّتها ، وليس كذلك الصفة ، ولأنها ليست فى الحقيقة مصدراً ، وإنما هى متأوَّلةٌ عليه ومردودةٌ بالصَّنْعَةِ إليه ، فلو قيل : رجلٌ عَدْلٌ وامرأةٌ عَدْلَةٌ ـ وقد جَرَتْ صفةً كما ترى ـ لم يُؤْمَن أن يُظَنَّ بها أنها صِفَةٌ حقيقيةٌ كصَعْبةٍ من صَعْبٍ ، ونَدْبَةٍ من نَدْبٍ ، وفخْمَةٍ من فَخْمٍ ؛ فلم يكن فيها من قُوَّة الدَّلالةِ على المصدريَّةِ ما فى نَفْس المصدرِ نحو الجُهومةِ والشُّهُومة والخَلاقَةِ. فالأصول لقُوَّتها يُتَصَرَّفُ فيها ، والفروعُ لضَعْفها يُتَوَقَّفُ بها ويُقْتَصَرُ على بعض ما تُسَوِّغَهُ القُوَّةُ لأُصولها. فإنْ قلت : فقد قالوا : رَجُلٌ عَدْلٌ ، وامرأة عَدْلَةٌ ، وفرسٌ طَوْعَةُ القِيادِ. وقولُ أُمَيَّة :
والحَيَّةُ الحَتْفَةُ الرَّقْشاءُ أخْرَجَها |
|
مِنْ بَيْتِها آمِناتُ اللهِ والكَلِمُ(١) |
قيل : هذا قد خرجَ على صُورة الصّفةِ ، لأنهم لم يُؤْثِروا أن يَبْعُدُوا كلَّ البُعْد عن أصْلِ الوصْف الذى بابُه أن يَقَعَ الفرْقُ فيه بينَ مُذكَّرِه ومؤنَّثه ، فجرَى هذا فى حِفْظ الأصول والتَّلَفُّتِ إليها للمباقاةِ لها والتنبيه عليها مَجْرَى إخراج بعضِ المعْتَلّ على أصله. نحوَ اسْتَحْوَذَ وضَنِنُوا. ومَجْرَى إعمال صُغْتُه وعُدْته وإن كان قد نُقِل إلى فَعُلْتُ لمَّا كان أصله
__________________
(١) البيت لأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ص ٥٧ ؛ ولسان العرب ( حتف ) ، ( عدل ).