أقول : أورد الرواية في الدر المنثور ، بعد ما روي بطرق عن مجاهد وعكرمة أن قصة نقض قريش عهد الحديبية وإعانتهم بني بكر على خزاعة حلفاء رسول الله صلىاللهعليهوآله كان هو السبب لنزول قوله تعالى : « أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً » إلى قوله : « وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ » وهم خزاعة.
ولو كان الأمر على ما ذكروا كانت الآية : « أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ » ـ إلى تمام ثلاث آيات بل أربع ـ على ما يعطيه السياق مما نزل قبل فتح مكة فتكون نازلة قبل آيات براءة لا محالة.
لكن القصة التي رواها ابن إسحاق والبيهقي على اعتبارها لمكان المسور بن مخرمة لا تصرح بنزول الآيات في ذلك ، وما رواها مجاهد وعكرمة لا اعتماد عليه لمكان الوقف والانقطاع ، وسياق الآيات لا يأبى نزولها مع ما تقدم عليها واتصالها بها على ما لا يخفى.
والذي ذكر فيها من قوله : « نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ » وإن كان يشير إلى صفات قريش الخاصة بهم لكن من الجائز أن تكون الآية مشيرة إلى حلفاء قريش وجيرانهم ممن لم يؤمنوا بعد فتح مكة وهم لاتحادهم مع قريش واتصالهم بهم وصفوا بما يوصف به قريش بالأصالة.
واعلم أن هناك روايات متفرقة من طرق أهل البيت عليهالسلام تطبق الآيات على ظهور المهدي عليهالسلام ، وهي من الجري.
( كلام في معنى العهد وأقسامه وو هي من أحكامه )
قدمنا في أوائل الجزء السادس من الكتاب كلاما في معنى العقد والعهد ونستأنف البيان هاهنا في معنى ما تقدم وما يستتبعه من الأقسام والأحكام بتقرير آخر في فصول :
١ ـ قد لاح لك من تضاعيف الأبحاث المتقدمة في هذا الكتاب أن الإنسان في مسير حياته لا يزال يصور أعماله وما يتعلق به أعماله من المادة تصور الأمور الكونية ويمثلها بها ويجري بينها أحكام الأمور الكونية وآثارها من القوانين العامة الجارية في الكون بحسب ما يناسب أغراضه الحيوية كما أنه يأخذ مثلا أصواتا متفرقة هي الزاي