فعجبت الملائكة من حسن منطقه ـ فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها ـ ثم كان يوازر داود بحكمته فقال له داود : طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أتدرون ما كان لقمان؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : كان حبشيا.
٢ ـ وفي تفسير القمي ، بإسناده عن حماد قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام ـ عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل ، فقال : أما والله ما أوتي لقمان الحكمة ـ بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال.
ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله ـ متورعا في الله ساكتا مستكينا ـ عميق النظر طويل الفكر حديد النظر ـ مستغن بالعبر لم ينم نهارا قط ـ ولم يره أحد من الناس علي بول ولا غائط ـ ولا اغتسال لشدة تستره وعموق نظره ـ وتحفظه في أمره ، ولم يضحك من شيء قط مخافة الإثم ـ ولم يغضب قط ، ولم يمازح إنسانا قط ، ولم يفرح بشيء أتاه من أمر الدنيا ـ ولا حزن منها على شيء قط ـ وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثير وقدم أكثرهم أفراطا فما بكى على موت أحد منهم.
ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما ـ ولم يمض عنهما حتى تحابا ، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه ـ إلا سأل عن تفسيره وعمن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء ، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين ـ فيرثي للقضاة مما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه ويجاهد به هواه ـ ويحترز به من الشيطان يداوي قلبه بالفكر ـ ويداوي نفسه بالعبر ، وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه ـ فبذلك أوتي الحكمة ومنح العصمة.
وإن الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة ـ حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة ـ فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا : يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان : إن أمرني الله بذلك فالسمع والطاعة ـ لأنه إن فعل ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني ـ وإن هو خيرني قبلت العافية. مفقالت الملائكة : يا لقمان لم؟ قال : لأن الحكم بين الناس بأشد المنازل ـ وأكثر