هلكت فبذنوبك.
يا بني : إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ـ ومن عنى بالأدب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف علمه ومن تكلف علمه اشتد له طلبه ـ ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته فاتخذه عادة ـ فإنك تخلف في سلفك وينتفع به من خلفك ـ ويرتجيك فيه راغب ويخشى صولتك راهب ، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره ـ فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة وإذا فاتك طلب العلم في مظانه ـ فقد غلبت على الآخرة ـ واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا في طلب العلم ـ فإنك لن تجد له تضييعا أشد من تركه ـ ولا تمارين فيه لجوجا ـ ولا تجادلن فقيها ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظلوما ولا تصادقنه ـ ولا تؤاخين فاسقا ولا تصاحبن متهما ـ واخزن علمك كما تخزن ورقك.
يا بني : خف الله عز وجل خوفا ـ لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك وارج الله رجاء ـ لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك.
فقال له ابنه : يا أبت ـ كيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟ فقال له لقمان : يا بني : لو استخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران ـ نور للخوف ونور للرجاء ـ لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ـ فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله عز وجل ـ ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله ـ فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض.
فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا ـ ومن يعمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله صادقا ـ ومن أطاع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه فقد اتبع أمره ـ ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه ـ نعوذ بالله من سخط الله.
يا بني : لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها ـ فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ـ ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين ـ ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
وفي قرب الإسناد : هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه عليهالسلام : قيل للقمان : ما الذي أجمعت عليه من حكمتك؟ قال : لا أتكلف ما قد كفيته ولا أضيع ما وليته.
وفي البحار ، عن قصص الأنبياء بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان