أبليته ، وعمرك فيما أفنيته ، ومالك مما اكتسبته وفيما أنفقته ، فتأهب لذلك وأعد له جوابا ـ ولا تأس على ما فاتك من الدنيا ـ فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه ـ وكثيرها لا يؤمن بلاؤه فخذ حذرك ، وجد في أمرك ، واكشف الغطاء عن وجهك ، وتعرض لمعروف ربك ، وجدد التوبة في قلبك ، وأكمش في فراقك قبل أن يقصد قصدك ، ويقضى قضاؤك ، ويحال بينك وبين ما تريد.
وفي البحار ، عن القصص بإسناده عن حماد عن الصادق عليهالسلام قال : قال لقمان : يا بني إياك والضجر وسوء الخلق وقلة الصبر ـ فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب ، وألزم نفسك التؤدة (١) في أمورك ـ وصبر على مئونات الإخوان نفسك ، وحسن مع جميع الناس خلقك.
يا بني إن عدمك ما تصل به قرابتك ـ وتتفضل به على إخوانك ـ فلا يعدمنك حسن الخلق وبسط البشر ـ فإن من أحسن خلقه أحبه الأخيار وجانبه الفجار ، واقنع بقسم الله ليصفو عيشك ـ فإن أردت أن تجمع عز الدنيا ـ فاقطع طمعك مما في أيدي الناس ـ فإنما بلغ الأنبياء والصديقون ما بلغوا بقطع طمعهم.
أقول : والأخبار في مواعظه كثيرة اكتفينا منها بما أوردناه إيثارا للاختصار.
( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ