الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) ).
( بيان )
غرض السورة تقرير المبدإ والمعاد وإقامة الحجة عليهما ودفع ما يختلج القلوب في ذلك مع إشارة إلى النبوة والكتاب ثم بيان ما يتميز به الفريقان المؤمنون بآيات الله حقا والفاسقون الخارجون عن زي العبودية ووعد أولئك بما هو فوق تصور المتصورين من الثواب ووعيد هؤلاء بالانتقام الشديد بأليم العذاب المخلد وأنهم سيذوقون عذابا أدنى دون العذاب الأكبر ، وتختتم السورة بتأكيد الوعيد وأمر النبي صلىاللهعليهوآله بالانتظار كما هم منتظرون.
وهي مكية إلا ثلاث آيات نزلت ـ كما قيل ـ بالمدينة وهي قوله تعالى : « أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً » إلى تمام ثلاث آيات.
والذي أوردناه من آياتها يتضمن الفصل الأول من فصلي غرض السورة الذي أشرنا إليه.
قوله تعالى : « تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ » ، أي هذا تنزيل الكتاب ، والتنزيل مصدر بمعنى اسم المفعول وإضافته إلى الكتاب من إضافة الصفة إلى الموصوف ، والمعنى : هذا هو الكتاب المنزل لا ريب فيه.
وقوله : « مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ » فيه براعة استهلال لما في غرض السورة أن يتعاطى بيانه من الوحدانية والمعاد اللذين ينكرهما الوثنية لما مر مرارا أنهم لا يقولون برب