قبال تزويجه إحدى ابنتيه وليس بعقد قاطع ومن الدليل عدم تعين المعقودة في كلامه عليهالسلام.
فقوله : « إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ » دليل على حضورهما إذ ذاك ، وقوله : « عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ » أي على أن تأجرني نفسك أي تكون أجيرا لي ثماني حجج ، والحجج جمع حجة والمراد بها السنة بعناية أن كل سنة فيها حجة للبيت الحرام ، وبه يظهر أن حج البيت ـ وهو من شريعة إبراهيم عليهالسلام ـ كان معمولا به عندهم.
وقوله : « فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ » أي فإن أتممته عشر سنين فهو من عندك وباختيار منك من غير أن تكون ملزما من عندي.
وقوله : « وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ » إخبار عن نحو ما يريده منه من الخدمة وأنه عمل غير موصوف بالمشقة وأنه مخدوم صالح.
وقوله : « سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ » أي إني من الصالحين وستجدني منهم إن شاء الله فالاستثناء متعلق بوجدان موسى إياه منهم لا بكونه في نفسه منهم.
قوله تعالى : « قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ » الضمير لموسى عليهالسلام.
وقوله : « ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ » أي ذلك الذي ذكرته وقررته من المشارطة والمعاهدة وعرضته علي ثابت بيننا ليس لي ولا لك أن نخالف ما شارطناه ، وقوله : « أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ » بيان للأجل المردد المضروب في كلام شعيب عليهالسلام وهو قوله : « ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ » أي لي أن أختار أي الأجلين شئت فإن اخترت الثماني سنين فليس لك أن تعدو علي وتلزمني بالزيادة وإن اخترت الزيادة وخدمتك عشرا فليس لك أن تعدو علي بالمنع من الزيادة.
وقوله : « وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ » توكيل له تعالى فيما يشارطان يتضمن إشهاده تعالى على ما يقولان وإرجاع الحكم والقضاء بينهما إليه لو اختلفا ، ولذا اختار التوكيل على الإشهاد لأن الشهادة والقضاء كليهما إليه تعالى ، وهذا كقول يعقوب عليهالسلام حين أخذ الموثق من بنيه أن يردوا إليه ابنه فيما يحكيه الله : « فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ » يوسف : ٦٦.