والمراد بالعبادة التي جعلها الله سبحانه العلة الغائية لخلق الجن والإنس الخضوع المطلق لإرادته تعالى بكل عمل اختياري يصدر عن المكلف بإرادته وفق إرادة الله تعالى سواء كان هذا العمل باطنيا كالتفكر في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والتدبر في الآيات الكونية المنتشرة في صفحات الآفاق والانفس كما اراد تعالى من اجل ان يتوصل المتفكر المتدبر في هذه الآيات البينات ـ الى الإيمان بوجود الله ووحدانيته وعدله وضرورة إرساله الانبياء وتعيينه للأوصياء وحشره للناس غدا يوم الجزاء.
ام كان هذا العمل الاختياري الخاضع لإرادة الله ظاهريا متمثلا بكل الافعال والتصرفات الخارجية التي يمارسها المكلف وفق ارادته تعالى وفي اطار شريعته ويراد بها في المقام ما يشمل التصرفات السلبية المتمثلة بترك المحرمات.
وعلى ضوء ما تقدم يعرف ان العبادة قسمان باطنية وظاهرية كما بينا وحيث ان العبادة الظاهرية تتحقق بامتثال الاحكام الشرعية الثابتة في الشريعة المقدسة وهي تابعة لما يوجد في متعلقاتها من المصالح والمفاسد كما هو مقتضى الحكمة الإلهية ـ وهي تختلف قوة وضعفا باختلاف مواردها وذلك هو سر اختلاف الاحكام التكليفية الناشئة منها وانقسامها الى خمسة اقسام.
وذلك لان المصلحة اذا كانت قوية بحيث لا يرضي المولى بتفويتها اقتضت الوجوب واذا كانت ضعيفة لا تمنع من الترك والتفويت اقتضت الاستحباب ـ وفي المقابل يقال ايضا في المفسدة الداعية للنهي اذا كانت قوية لا يسمح المولى بالوقوع فيها اقتضت التحريم واذا كانت ضعيفة لا تمنع من الفعل اقتضت الكراهة ـ واذا كانت صفحة العمل