والمراد بالعبادة التي جعلها الله سبحانه العلة الغائية والسبب الداعي لخلق الجن والإنس ـ الانقياد الكلي والخضوع المطلق بكل عمل اختياري يمارسه الإنسان في هذه الحياة لإرادته سبحانه وهي تختلف من حيث الالزام وعدمه باختلاف الموارد تبعا لاختلاف المصالح والمفاسد الداعية للتشريع ـ ففي المورد الذي يكون الفعل مشتملا على مصلحة ملزمة قوية لا يرضى المولى من المكلف ان يفوتها على نفسه ـ يكون الحكم المجعول هو الوجوب واذا كانت المصلحة ضعيفة لا تقتضي الالزام بالفعل ـ يكون هو الاستحباب وفي المورد الذي يكون الفعل مشتملا على مفسدة قوية لا يرضى المولى من المكلف ان يوقع نفسه فيها ـ يكون الحكم المجعول هو الحرمة واذا كانت المفسدة ضعيفة لا تمنع من الفعل ـ يكون هو الكراهة وفي المورد الذي لا يكون الفعل مشتملا على مصلحة او مفسدة تقتضي ما تقدم من الاحكام ـ بمعنى أنه يكون خاليا من ذلك كله بحيث لا يترجح فيه الفعل على الترك ولا العكس يكون الحكم هو الإباحة والتخيير بين الامرين.
وحيث ان المكلف لا يدرك بعقله القاصر اصل وجود المصلحة او المفسدة في أفعاله ولا مرتبة كل واحدة منهما من حيث القوة والضعف فلا بد ان ينزل الله سبحانه رسالة تبين ذلك ويبعث رسولا بها يكون افضل واكمل أهل زمانه ومؤيداً بالمعجزة الدالة على صدقه لتتم الحجة على الخلق ويجب عليهم التصديق به وبما أتى به من رسالة وشريعة متضمنة لجميع ما يحتاجونه في حياتهم من النظم والقوانين لتتحقق العبادة المقصودة والغاية المنشودة بتطبيقها والعمل بها.
وبذلك يثبت الاصل الثالث من اصول الدين وهو النبوة وحيث ان الرسالة الإسلامية خالدة وعبادة الله سبحانه بتطبيقها مستمرة ودائمة بدوام