والثاني : هو العبادة بمعناها الخاص وهي تطلق في مقابل المعاملات في الشريعة ويراد بها كل عمل يشترط في صحته قصد القربة لله سبحانه كالصوم والصلاة والحج والزكاة والخمس ونحوها مما اشترط في صحته ذلك ويلحق بالصلاة بعض مقدماتها كالطهارات الثلاث المعهودة وهي الغسل والوضوء والتيمم حيث يشترط في صحتها قصد التقرب بها لله تعالى كالصلاة نفسها.
ودور العبادة بهذا المعنى هو ترسيخ العقيدة وتقوية الإيمان في قلب المتعبد لله بها وبقدر ما يقوى الإيمان في نفس المكلف يقوى التزامه بخط الشريعة وتطبيق احكامها مهما كان صعبا وشاقا ـ والسر في ذلك هو كون العبادة بمعناها الخاص اتصالا بالله سبحانه وتقربا منه فهي بذلك تشبه الزيارة التي تتكرر من صديق لآخر حتى تعمق علاقة الصداقة بينهما ليصبحا دائما وأبداً على حالة صلة وتواصل حميم ونتيجة ذلك هي ان تبقى حركة كل واحد منهما في إطار الوفاء والاخلاص للآخر في كل التصرفات التي تصدر منه كما هو مقتضى المودة الثابتة والصداقة الراسخة ـ وهكذا اذا تعمقت علاقة الايمان في نفس المؤمن نتيجة استمراره على الاتصال بالله سبحانه فكريا وروحيا ونفسيا عبر تلك العبادات المعهودة وخصوصا الصلاة منها فإنه يبقى على صلة به وصلاة له بكل تصرفاته الاختيارية وهذا هو روح العبادة بمعناها العام.
دور العبادة الخاصة في ترسيخ العقيدة :
ويستفاد من مجموع ما تقدم ان دور العبادة بمعناها الخاص هو تقوية العلاقة الايمانية بالله سبحانه وهي تقتضي بطبعها رسوخ صفة