وتتأكد لدينا هذه الحقيقة اكثر فاكثر اذا القينا نظرة خاطفة على الوضع الجاهلي الذي كان سائدا في العالم بصورة عامة وفي شبه الجزيرة العربية بصورة خاصة وقارنا بين هذا الوضع المأساوي الذي انسلخ به الإنسان عن إنسانيته ولم يبق له منها سوى الشكل والصورة ـ الا من رحمهالله ـ والوضع الجديد المجيد الذي تحول له ووصل اليه ببركة دخوله في مدرسة الإسلام العظيم وبضدها تتميز الاشياء.
ففي الامس القريب كان يعبد الاصنام واليوم تحول إلى عبادة الله الواحد العلام وكان اذا اظلم عليه الليل ركب فرسه وحمل سيفه ورمحه وانطلق بدافع جاهليته الجهلاء العمياء ليغزو القبائل الاخرى ويسلب منها ما يسلب ويرجع مفتخرا بذلك وانه ابن الليل والبطل الشجاع الذي يصارع الرجال ولا يخشى الاهوال ـ واذا لم يجد قبيلة اجنبية ليحقق غرضه الجاهلي منها انعطف على قبيلته وحقق هدف جاهليته.
واليوم اصبح في ظل الدين المجيد ـ يجول على الفقراء بصدقة السر ليلا ليزيد أجره ويكثر ثوابه بعد ان كان في السابق يجول ليلاً ليثير الرعب والخوف ويسلب الراحة والامن والاستقرار وربما الحياة اذا لزم الامر.
وكانت المرأة في نظره سلعة تباع وتشترى في سوق المتاع الرخيص فاقدة لحقوقها المادية والمعنوية ـ وأصبحت في العهد الجديد محترمة الكيان مصونة الحقوق ومساوية لاخيها الرجل في الحقوق والواجبات ولا فضل لاحدهما على الآخر الا بالتقوى والعمل الصالح ـ واعتبر الاسلام مساعدة الرجل زوجته في الاعمال المنوطة بها والراجعة غالبا اليها من افضل المستحبات التي يتقرب بها الى الله زلفى ـ كما اعتبر الهدية التي يقدمها الزوج بقصد إدخال السرور الى