هذا اليوم الذي يقدم فيه المؤمن الملتزم لاخيه المشابه له بالالتزام التهنئة بما وفقه الله له من الانتصار على الذات وعدم الانجراف بتيار الاهواء والشهوات كما حصل لغير الملتزم الذي انهزم في معركة الجهاد الاكبر واصبح يعيش ذل الهزيمة وهوانها في الوقت الذي يعيش فيه اخوه الصائم بهجة الانتصار وعزة الفخار ـ وما يحصل لكل واحد من الصائم الملتزم ـ من الفرحة والبهجة المعجلة ـ وما يحصل للمفطر المنهزم من ألم النفس ووخز الضمير والشعور بالسقوط والرسوب في امتحان التكليف.
أجل : إن ما يحصل للأول من نعيم الفرحة ونشوة العزة وللثاني من وهن الهزيمة وألم الكآبة ـ يعتبر جزاء معجلاً على ما قدمه من خير وشر انطلاقا من قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يرهُ * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرهُ ) (١).
ويبقى الجزاء الاوفى والاعظم مؤجلا ليوم الجزاء الخالد بالسعادة الدائمة او الشقاوة المستمرة ( ولايظلم ربك أحداً ) (٢).
ثم إن الرسوب في مدرسة الصيام نوعان :
الأول : الرسوب الواضح وهو الحاصل بترك الصيام من الاساس.
والثاني : هو الحاصل بعدم تحقيق الغاية المقصودة من الصوم بعد الإتيان به وهي الالتزام بمنهج التقوى ـ كما يستفاد ذلك من صريح قوله تعالى :
__________________
(١) سورة الزلزلة ، الآيتان : ٧ ، ٨.
(٢) سورة الكهف ، الآية : ٤٩.