بالمنزل راشا على وجوههم الشوهاء قبضة من تراب مردداً قوله تعالى :
( وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) (١).
وانطلق في سيره الهادىء المطمئن للمصير الى المقر الآمن الذي شاءت العناية السماوية والرعاية الإلهية ان يكون ملجأ للرسول الصادق الامين تصان به ذاته الشريفة ورسالته المباركة الخالدة من الخطر.
وتقول كتب السيرة : إن القوم بعد ان فشل هجومهم انطلقوا متتبعين ومقتفين آثار قدمي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى انتهى بهم الاقتفاء الى باب الغار حيث اختفت هناك الآثار وقال ذلك الشخص الخبير بمهمة الاقتفاء والاطلاع على مكان وجود صاحب الأثر من أثره المشير اليه والدال عليه : ما حاصله الى هنا انتهت آثار قدمي محمد فإما ان يكون قد نزل في الارض او صعد الى السماء وعندما أثار بعضهم احتمال ان يكون موجودا داخل الغار دفع شخص آخر احتماله هذا بوجود بيت العنكبوت وعش الحمامة على بابه ـ ولو كان الرسول محمد داخله لما كان بيت العنكبوت سالماً وعش الحمامة قائماً وبذلك يكون الله سبحانه قد نصر عبده وحماه بأضعف الوسائل :
( ورد اللهُ الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً ) (٢).
وقد اشار الله سبحانه الى مؤامرة القوم ومكرهم الغادر وما رد به عليهم بمكره العادل بقوله تعالى :
__________________
(١) سورة يس ، الآية : ٩.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٢٥.