أجل : توج هذين النوعين من الشكر بالشكر العملي الذي تمثل بصرف هذه النعمة الواسعة في سبيل مرضاته تعالى وحصل بذلك دوامها مع تحصيله حياة الخلود في هذه الدنيا ـ بالذكر العاطر الذي سجله الله له على صفحات كتابه الكريم بحروف من نور ( والذكر للإنسان عمر ثاني ).
كما ذكر سبحانه نموذجا آخر هو على العكس من الاول وهو قارون الذي اعطاه الله سبحانه المال الكثير الذي عبر عن كثرته بقوله :
( وءاتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأُ بالعصبة اولى القوة ) (١).
حيث انه قابل نعمة الله سبحانه بالكفر القلبي بإنكاره وجود تدخل للإرادة الإلهية في حصول هذه النعمة له وترجم هذا الانكار بحصر سبب حصولها له بعلمه ومهارته حيث قال : ( إنما أُوتيته على علم عندي ) (٢).
واذا دققنا النظر في مصدر هذا الانكار والكفر القلبي واللساني وما ترتب على ذلك من الكفر العملي حيث امتنع عن دفع الحق الشرعي الذي تعلق بثورته لمستحقه نرى ان مصدر ذلك هو الغفلة المطبقة وعدم تفكره وتذكره للمصدر الحقيقي لكل النعم التي تحصل للإنسان في هذه الحياة ـ ولذلك أخذه الغرور والطغيان الذي ادى به الى تلك النتيجة السلبية التي ترتبت على طغيانه هذا وهي خسف الله به وبداره الارض كما تحدث بذلك القرآن الكريم حيث قال سبحانه مبينا مصيره المؤلم المظلم :
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٧٦.
(٢) سورة القصص ، الآية : ٧٨.