أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ـ ٢٣. فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ـ ٢٤. وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ ـ ٢٥. )
( بيان )
الآيات تتضمن الإنذار بالعذاب الدنيوي الذي ابتليت به عاد وثمود بكفرهم بالرسل وجحدهم لآيات الله ، وبالعذاب الأخروي الذي سيبتلى به أعداء الله من أهل الجحود الذين حقت عليهم كلمة العذاب ، وفيها إشارة إلى كيفية إضلالهم في الدنيا وإلى استنطاق أعضائهم في الآخرة.
قوله تعالى : « فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ » قال في المجمع : الصاعقة المهلكة من كل شيء انتهى ، وقال الراغب : قال بعض أهل اللغة : الصاعقة على ثلاثة أوجه : الموت كقوله : « فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ » وقوله : « فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ » والعذاب كقوله : « أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ » والنار كقوله : « وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ » وما ذكره فهو أشياء حاصلة من الصاعقة فإن الصاعقة هي الصوت الشديد من الجو ثم يكون نار فقط أو عذاب أو موت وهي في ذاتها شيء واحد ، وهذه الأشياء تأثيرات منها. انتهى.
وعلى ما مر تنطبق الصاعقة على عذابي عاد وثمود وهما الريح والصيحة ، والتعبير بالماضي في قوله : « أَنْذَرْتُكُمْ » للدلالة على التحقق والوقوع.
قوله تعالى : « إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ » إلخ ظرف للصاعقة الثانية فإن الإنذار بالصاعقة بالحقيقة إنذار بوقوعها وحلولها فالمعنى مثل حلول صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم إلخ.
ونسبة المجيء إلى الرسل وهو جمع ـ مع أن الذي ذكر في قصتهم رسولان هما هود وصالح ـ باعتبار أن الرسل دعوتهم واحدة والمبعوث منهم إلى قوم مبعوث لآخرين