النار غاية لحشرهم لأن عاقبتهم إليها ، والدليل عليه ما ذكره من أمر شهادة الأعضاء فإنها في الموقف قبل الأمر بهم إلى النار.
وقيل : المراد حشرهم إلى النار نفسها ومن الممكن أن يستشهد عليهم مرتين مرة في الموقف ومرة على شفير جهنم وهو كما ترى.
والمراد بأعداء الله ـ على ما قيل ـ المكذبون بالنبي صلىاللهعليهوآله من مشركي قومه لا مطلق الكفار والدليل عليه قوله الآتي : « وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ » الآية.
قوله تعالى : « حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ » « ما » في « إِذا ما جاؤُها » زائد للتأكيد والضمير للنار.
وشهادة الأعضاء أو القوى يوم القيامة ذكرها وإخبارها ما تحملته في الدنيا من معصية صاحبها فهي شهادة أداء لما تحملته ، ولو لا التحمل في الدنيا حين العمل كما لو جعل الله لها شعورا ونطقا يوم القيامة فعلمت ثم أخبرت بما عملته أو أوجد الله عندها صوتا يفيد معنى الإخبار من غير شعور منها به لم يصدق عليه الشهادة ، ولا تمت بذلك على العبد المنكر حجة وهو ظاهر.
وبذلك يظهر فساد قول بعضهم : إن الله يخلق يوم القيامة للأعضاء علما وقدرة على الكلام فتخبر بمعاصي صاحبيها وهو شهادتها وقول بعضهم : إنه يخلق عندها أصواتا في صورة كلام مدلوله الشهادة ، وكذا قول بعضهم : إن معنى الشهادة دلالة الحال على صدور معصية كذائية منهم.
وظاهر الآية أن شهادة السمع والبصر أداؤهما ما تحملاه وإن لم يكن معصية مأتيا بها بواسطتهما كشهادة السمع أنه سمع آيات الله تتلى عليه فأعرض عنها صاحبه أو أنه سمع صاحبه يتكلم بكلمة الكفر ، وشهادة البصر أنه رأى الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى فأعرض عنها صاحبه أو أنه رأى صاحبه يستمع إلى الغيبة أو سائر ما يحرم الإصغاء إليه فتكون الآية على حد قوله تعالى : « إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً » إسراء : ـ ٣٦.